الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 15 يونيو 2000 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
داود ..أنت هو الرجل!
"وفى الصباح كتب داود مكتوباً ... يقول اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيُضرب ويموت"
(2صم 11: 14 ، 15)
أيمكن أن نتصور أن الرجل الذي كتب المزامير العديدة وعبَّر فيها عن جمال الإيمان والاتكال على الله، وتكلم فيها عن جلال الرب وعظمة صلاحه .. أيمكن أن رجلاً كهذا يكتب خطاباً يقول فيه "اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيُضرب ويموت"؟؟ إن هذا لمما يجعلنا نلمس ما نحن عليه في ذواتنا، ونُدرك إلى أي حضيض يمكن أن نتردَّى إذا أعوزنا الصحو والسهر ضد شهوة الجسد، إذا لم تحفظنا نعمة الله.

ويموت أوريا، ويأخذ داود زوجته، ويولد ولد وكأن شيئاً لم يحدث "وأما الأمر الذي فعله داود فقبح في عيني الرب". ولكن ما أعظم محبة الله لداود، وما أطول أناته عليه. لقد ظل الرب قرابة عام ينتظر التوبة من عبده داود. فهل أدرك جسامة جُرمه؟ حتى عندما يحكى له ناثان النبي الـمَثَل الذي كان ينبغي أن يفتح عينيه، نرى داود يثور غاضباً على الرجل الذي يظنه أنه المذنب دون أن ينتبه إلى أنه هو نفسه المقصود بالمثل. ويا له من تغيير يحصل عندما يقول له النبي في غير وجل أو مُداراة "أنت هو الرجل .. لماذا احتقرت كلام الرب..؟ لقد قتلت أوريا.. وأخذت امرأته .. أنت فعلت بالسر..". لقد رُفع الستار وتمزق الحجاب وسلـّطت الأنوار على ضمير داود الذي يعترف بخطيته ولا يحاول سترها. ويقوم ناثان ليذهب إلى بيته بعد أن يحكم بموت الابن المولود.

ويظل داود أسبوعاً كاملاً يسكب نفسه أمام الرب باكياً متضرعاً وصائماً ينظم المزمور إلحادي والخمسين الذي فيه عبِّر عن أعماق تدريبات نفسه - جريمته ماثلة أمامه باستمرار، وضميره يقرر أنه إنما أخطأ إلى الرب، سفك دماً بريئاً، ويطلب غفراناً من فيض النعمة ويسأل الله تطهيراً وغسلاً فيبيّض أكثر من الثلج. كشف داود قلبه وحكم على الشر من أصوله، واستطاع أن يقول "يارب افتح شفتيّ فيُخبر فمي بتسبيحك". والله يعفو ويغفر ويرُّد نفس داود. ويسترد داود شركته مع الرب، ولكن تحت القضاء الإلهي. فإن العقوبة مازالت باقية. ورغم تضرعات داود، فإن الولد قد مات في اليوم السابع. ولما عرف داود أن صلاته من أجل ابنه لم تُستجب، قام واغتسل وبدّل ثيابه ودخل بيت الرب وسجد. ويا لعظمة هذا الصمت الذي ينحني خاضعاً تحت الإرادة العُليا التي ضربت فأدبت.

جورج أندريه
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net