الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 16 إبريل 2001 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
قُبلات غاشة
مَنْ يُبارك قريبه بصوت عالٍ في الصباح باكراً يُحسب له لعناً ( أم 27: 14 )
بكل يقين لا يوجد عيب في تحية أصحابنا ومباركتهم في أي وقت. لكن الآية موضوع تأملنا، تركز على أمرين تجعل المسألة فيها شُبهة. فهى تُشير أولاً إلى الصوت العالي، وثانياً إلى الصباح الباكر.

إن الصوت العالي في المباركة، ومثله أيضاً الإطناب في المديح، يضعان علامة استفهام حقيقية أمام إخلاص المتكلم؛ هل هو يعني ما يقول، أم أن هناك قصداً آخر من وراء ذلك الوّد المُبالغ فيه. ونفس الأمر نجده في عبارة الصباح باكراً؛ فلقد سبق صاحبنا الكل إلى مباركة قريبه، وكان عنصر نية التسابق واضحاً في المسألة. تُرى هل كان ذلك بدوافع مستقيمة، أم كما لاحظ الحكيم هنا، أنه عادة يكون من ورائه غرض خفي.

في هذا الاتجاه جاءت أيضاً كلمات الحكيم "فضة زغل تغطي شقفة (أي شيء تافه لا قيمة له) هكذا الشفتان المتوقدتان والقلب الشرير. بشفتيه يتنكر المبغض، وفي جوفه يضع غشاً. إذا حسّن صوته فلا تأتمنه لأن في قلبه سبع رجاسات" ( أم 26: 23 -25). وهل ننسى يهوذا الأسخريوطي الذي قبّل سيده، غطاه بالقبلات، وكان يقصد بذلك علامة تسليم لسيده!

إن الصداقة الحقيقية لا يلزمها هذه التأكيدات المُبالغ فيها. بل إن الصداقة تجد من المجالات ما يجل عن الحصر لتعبر عن نفسها في هدوء وعند الحاجة، ولا يلزمها أن تيقظ الناس من نومهم لتعلن عن نفسها. إن عمل محبة واحد عند الحاجة الحقيقية، لهو أفعل من بركات عديدة، عالية الصوت، خالية المضمون.

ثم هناك فكرة أخرى في المباركة صباحاً بصوت عال. فالناس في ذلك الوقت يكونون محتاجين إلى الراحة، فإن يتحدث ذلك الشخص بصوت عالٍ في الصباح الباكر حتى ولو كان ما يقوله هو كلمات بركة، بينما الناس في ذلك الوقت أحوج إلى الراحة والهدوء من كلماته هذه، فإن ذلك يتحول إلى حسابه لعنة لا بركة.

والدرس الأدبي الذي نتعلمه من كل ذلك هو درس مزدوج:

أولاً: علينا أن "لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق" ( 1يو 3: 18 ).

ثانياً: علينا أن نتصرف "لا كأننا نرضي الناس بل الله الذي يختبر قلوبنا" ( 1تس 2: 4 ).

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net