فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقره ( 2كو 8: 9 )
إن الرب يسوع المسيح الذي هو خبز الحياة، خبز الله النازل من السماء، بدأ خدمته الجهارية بالجوع "فبعدما صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة جاع أخيراً" ( مت 4: 2 ). لقد اختبر الجوع كإنسان، لكنه باعتباره الله أشبع الجموع الكثيرة بالخمس الأرغفة والسمكتين. إنه وهو ماء الحياة، ويعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجاناً، أنهى حياته بالقول: "أنا عطشان"، وذلك إتماماً للنبوة "ويجعلون في طعامي علقماً وفي عطشي يسقونني خلاً" ( مز 69: 21 ؛ مت27: 34؛ يو19: 28).
وهو مصدر الراحة الذي قال: "تعالوا إليَّ يا جميع المُتعبين، والثقيلي الأحمال، وأنا أُريحكم" ( مت 11: 28 ). فإنه تعب لأجلنا "فإذ كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر" ( يو 4: 6 ). ومع أنه هو مصدر أفراح المؤمنين ( يو 15: 11 )، لكن لكي يوصّل إلينا الأفراح، حَزِن كثيراً جداً وقال: "نفسي حزينة جداً حتى الموت" ( مر 14: 34 ). مع أنه خالق الطيور، فإنه في زمن اتضاعه كان أقل من الطيور "للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار. وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه" ( مت 8: 20 ). ومع أنه سامع الصلاة الذي إليه يأتي كل بشر، لكنه كالإنسان الكامل المتوكل على الله أبيه، كان يقضي الليل كله في الصلاة ( لو 6: 12 ). وهو الذي لم يتخل عن صدِّيق قط، لكنه في ساعات الظلمة الرهيبة تركه الله وتخلى عنه "إلهي إلهي لماذا تركتني؟" ( مز 22: 1 ). وهو الذي يمسح الدموع، نراه كالإنسان الكامل يبكي عند قبر لعازر ( يو 11: 35 ). الذي له الأرض وملؤها، المسكونة وكل الساكنين فيها، عند ولادته لم يكن له موضع في المنزل ( لو 2: 7 ). وهو العظيم والمجيد، لكن ـ ويا للعجب ـ قدّره يهوذا والرؤساء بثلاثين من الفضة، ثمن العبد الذي نطحه ثور ( خر 21: 32 ؛ مت26: 15).
لكن ما أعظمك يا سيدنا .. ما أجودك وما أجملك .. ففي محبتك لقديسيك وكنيستك، مضيت وبعت كل ما لك لكي تشتري الحقل الذي فيه الكنز، واللؤلؤة الواحدة الكثيرة الثمن ( مت 13: 44 -46). نعم لقد أخلى نفسه آخذاً صورة عبد، صائراً في شبه الناس، وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب ( في 2: 6 -8). فما أجوده. وما أجمله.