الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 13 أكتوبر 2003 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل!
ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تُعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان ( مت 23: 23 )
في حديث الرب في متى23 نطق على الكتبة والفريسيين المرائين بثمانية ويلات. هذا هو الويل الخامس. وكان الرب في الويل السابق لهذا مباشرة قد دان تعليم الفريسيين الفاسد، واعتبرهم عمياناً (ع16)، وبعدها في هذا الويل دان الرب ممارستهم الفاسدة وشبّههم أيضاً بالعميان (ع24). ولقد كان مظهر فساد ممارستهم غيرتهم الكبيرة في أمور بسيطة مع تجاوزهم التام عن أمور أهم. لقد أظهروا تدقيقاً زائداً في الأمور الصغيرة، وفي نفس الوقت إهمالا مُطلقاً للأمور العظيمة!!

وطبعاً لم يكن العيب تمسُّك الكتبة والفريسيين بالأمور البسيطة، ولا غبار في إخراج عشور النعنع والشبث والكمون (وهي أقل منتجات حقولهم قيمة)، وإعطائها للرب ولخدامه. نعم لم يكن العيب في هذا، لكن العيب الخطير الرهيب أنهم وقد فعلوا ذلك فقد تجاوزوا عن أثقل الناموس، أي أهم ما فيه.

لقد أهملوا الرحمة والحق، بل وتركوها نهائياً!

من ثم يصفهم الرب مصوراً إياهم في أسلوب تهكمي كيف يتجنبون الخطايا السهلة ويقعون عامدين فيما هو بخلاف ذلك "يصفّون عن البعوضة ويبلعون الجمل". والبعوض لم يَرِد بحصر اللفظ في الشريعة أنه نجس. فلا ورد اسمه ولا حتى وصفه. أما الجمل فليس فقط وردت الإشارة إليه بأنه نجس، بل أنه على رأس قائمة البهائم المُحرَّمة في الشريعة ( لا 11: 4 ).

والصورة التي يرسمها الرب هنا لرجل فريسي يُمسك بيده كأساً من عصير العنب مثلاً. والفريسي يحتاط متحذراً لئلا يكون قد وقع شيء في الكأس. فيمتص المشروب ببطء من بين أسنانه المغلقة ليمنع تسرب أصغر حشرة إلى فمه، بعوضة مثلاً. وبعد هذه الاحتياطات لمنع البعوضة يبلع الجمل؛ أكبر حيوان نجس في فلسطين!!

يا لها من صورة لازدواجية المبادئ والكيل بمكيالين في آن واحد. ولقد اختار الفريسيون طبعاً الجانب السهل من القداسة والذي يعطيهم المدح من الآخرين، لا حباً في الرب، ولا حباً في ناموسه، لكن حباً في التظاهر والتفاخر "لهم صورة التقوى ولكنهم مُنكرون قوتها. فاعرض عن هؤلاء" ( 2تي 3: 5 ). وهذا عين ما يعمله التدين. فليتنا نحذر من الرياء، وندرب أنفسنا كيف نهرب منه هروبنا من وباء مُميت.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net