الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 8 ديسمبر 2003 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
عادة الصلاة
أما أنا فصلاة(مزمور109: 4)
لقد كانت الألسن الكاذبة مشغولة بالإساءة إلى داود، ولكنه لم يدافع عن نفسه، فقط رفع القضية إلى المحكمة الأعلى وتوجه بدعواه إلى الملك العظيم نفسه. فالصلاة هي أسلم طريقة للرَّد على كلمات الكراهية.

ونلاحظ أن كاتب المزمور لم يُصلِ بطريقة خالية من الحرارة، ولكنه وهب نفسه لممارسة الصلاة إذ ألقى بنفسه وقلبه بالكامل فيها، مُجاهداً بكل عضلات وأوتار جسده، مثلما فعل يعقوب حينما صارع الملاك. وهكذا، وفقط هكذا، يتعين على كل واحد منا أن يُسرع إلى عرش النعمة. ومثلما يفتقر الظل إلى أية قوة، لأنه ليست فيه مادة، كذلك الصلاة التي لا تبدو فيها النفس في حالة الجهاد الجاد والرغبة المتوقدة، ليست لها فاعلية على الإطلاق، حتى لو قُدمت بتذلل. ذلك لأنها تفتقد ذلك الشيء الذي يضفي عليها القوة. وكما قال أحد القديسين القدامى: "الصلاة الحارة تُشبه مدفعاً موضوعاً قرب بوابات السماء، يجعلها تتطاير عندما ينطلق". والخطأ الشائع لدى غالبيتنا هو استعدادنا لأن نستسلم للتشتت الذهني، فتتجول أفكارنا هنا وهناك بينما لا نحقق تقدماً يُذكر نحو غايتنا المرجوّة، حيث يصبح الذهن كالزئبق غير متماسك وإنما يتدحرج في هذا المسار أو ذاك. ويا له من شر عظيم، فهو يسبب لنا الضرر، والأسوأ من ذلك أنه يهين إلهنا. ما الذي نظنه في شخص يتقدم بالتماس إلى حاكم عظيم. وبينما هو يعرض التماسه أمام الحاكم، نراه في نفس الوقت يلهو بريشة أو يطارد ذبابة.

هذه الآية التي نتأمل فيها تحدثنا عن الاستمرارية والمثابرة. لم يصرخ داود مرة واحدة ثم ركن إلى الصمت. كلا! بل استمر صراخه المقدس إلى أن استجلب البركة. لا يجوز لنا أن نعتبر الصلاة عملاً نأتيه عندما تحين فرصة عارضة. بل علينا أن نعتبرها عملنا اليومي وعادتنا بل وحرفتنا اليومية. وكما يستغرق الفنانون في رسم لوحاتهم، والشعراء في نظم قصائدهم، يجب علينا نحن أيضاً أن نكرس أنفسنا للصلاة. علينا أن ننغمس في الصلاة بوصفها مهمتنا المُحببة، وهكذا نصلي بلا انقطاع.

أيها الرب إلهنا علمنا أن نصلي هكذا لكي نصبح سالكين أكثر فأكثر في روح التذلل أمامك.

تشارلس سبرجون
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net