الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 9 سبتمبر 2003 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الألم وبركاته
فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز، لكن حينئذ وجهاً لوجهٍ. الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عُرِفت ( 1كو 13: 12 )
لا شك أن طريق الآلام لم يكن طريق سيدنا ـ له كل المجد ـ وحده؛ رجل الأوجاع ومُختبر (خبير) الحَزَن ( إش 53: 3 )، بل هو طريق كل تابعيه، فالامتحان قرين الإيمان. ولعل تزايد جرعات الألم كماً وكيفاً في حياتنا في هذه الأيام يُعَد مؤشراً إضافياً على أن "نهاية كل شيء قد اقتربت"، حتى عندما يجيء العريس السماوي لا يوجد في قلب أحدنا ما يحزن على تركه في هذه الأرض!

إن الألم هو غالباً المبعوث الإلهي لتحقيق مقاصد الله العظيمة في حياة أولاده، وهو ليس دون سبب من جانبنا غالباً، وليس دون محبة من إلهنا دائماً. وأروع هبات الله وعطاياه الثمينة عادة ما تصلنا مُغلَّفة بالألم. إنه يتمجد جداً في احتمالنا للألم كما نرى في بولس ( أع 9: 16 )، بل ويعرف أن يُخرج من وسط آلامنا أروع التسبيحات مثلما أنشد داود أجمل مزاميره وهو مُطارد (انظر مزمور 84: 5،6؛ أيوب35: 9،10).

كما أن مثل هذه الاختبارات المؤلمة تكون عادة من أروع الفرص للالتصاق بالرب أكثر، ومعرفة قلبه أعمق، واختبار كفايته أفضل من كل الماضي. فنحن عادة ما نتمتع بقوة الله التي لنا عندما ندرك ضعفنا وسط ظروف الحزن والألم والذي عادة ما يجردنا من إرادتنا الذاتية ويفرّغنا من كل اعتداد بأنفسنا، فنتهيأ "لكل ملء الله". فقط علينا أن نحترس من الانحراف عن الرب، والذي يجر علينا المتاعب والآلام إذ أن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً، أما الآلام التي يسمح بها الرب كجرعات يرى هو في حكمته احتياجنا إليها في البرية، فعلينا أن نشكره لأجلها، مستودعين أنفسنا بالتمام بين يديه "كما لخالق أمين". فإن كنا لسنا بدون تجارب، لكننا أيضاً لسنا بدون إله في وسط هذه التجارب. وهو ـ تبارك اسمه ـ لا يسمح لنا بشرخ في أعماقنا إلا لكي يملأه بشخصه ومجده. وفي وسط الألم هو يعطي المعونة والمشجعات والنعمة التي تكفي للصبر والاحتمال! إذ هو يعرف طاقة احتمالنا فلا يسمح بزيادة المدة أو زيادة الجرعة عن طاقاتنا وإن كان يستخدم هذا كله ليوسّع من هذه الطاقة فنصبح أكثر نفعاً له ولشعبه.

ويوماً سنتطلع من فوق قمة السنين، وستتضح لنا مبررات كل أعماله الحكيمة والعظيمة معنا.

اسحق إيليا
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net