الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 11 مايو 2004 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
حبقوق .. على المرتفعات
فمع أنه لا يُزهر التين، ولا يكون حمل في الكروم ... فإني أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي ... لرئيس المغنين على آلاتي ذوات الأوتار ( حب 3: 17 -19)
ما أبعد الفرق بين فاتحة وحي حبقوق وبين خاتمته، لقد بدأ مذهولاً متحيراً، ملآناً بالتساؤلات، وقد استغلق على ذهنه استيعاب ما يراه. ولكنه ينتهي كمن وجد إجابة لكل أسئلته، بل وجد شبعه في الله نصيبه. ما أعظمها بركة أن ندخل إلى الاختبارات المتنوعة التي اجتاز فيها إنسان هكذا نظير حبقوق، له ذات المشاعر الإنسانية التي لأُناس نظيرنا، حتى يملأ الرب وحده المشهد أمامنا، فيشبع النفس المشتهية مُفرجاً كربها، ماحياً كل شكوكها، مُزيلاً كل الصعوبات أمامها، فيمتلكنا ـ ولو إلى حد ما ـ الشعور بما هو نصيب قلوبنا الصالح الذي يبقى عندما نعطي الرب الفرصة أن يأخذ طريقه الخاص معنا في كل الأمور. فالشجر قد لا يعطي ثمره، والمراعي قد تخلو من قطعانها، والحقول قد تضن بطعامها، لكن الله يبقى، وفيه خير جزيل يكفي لسد كل عوز. هو إله الخلاص، وفيه شبع القلب، فماذا يعوزني بعد؟

هكذا استطاع حبقوق أن يسير وله هذا الشعور المجيد، وهكذا يمكننا أيضاً أن نسير بالإيمان على مرتفعاتنا، فوق كل بيئة ملوثة، وأعلى من كل فخ ينصبه العدو. ونظير وعول مزمور104: 18 نستطيع أن نرقى إلى قمم الجبال المسنمة ونسكن في أعاليها. فإن كان واحد من أولاد الله في عهد الظلال استطاع أن يتهلل هكذا وينتصر على ما يُحيطه من ظروف، أفلا تأخذنا الغيرة المقدسة ونحن في يوم النعمة، وإن كنا نعبر برية حارقة، لكننا نحيا "في السماويات" فنكون يوماً بعد يوم غالبين بقوة الإيمان؟

والعبارة الأخيرة هي خير الختام، فرئيس المغنين الذي له الآلات ذوات الأوتار بالنسبة لنا ليس إلا ربنا يسوع، الذي كمن هو المُقام من الأموات، يقود الآن تسبيحات مفدييه. فعندما تمس أصابعه الرقيقة أوتار القلوب، تتصاعد على الفور من شعبه أنغام الحمد التي تُسِر آذان الله أبينا، وتدعو أجناد السماء التي لا تُحصى للسجود، إذ تتعلم بواسطة الكنيسة حكمة الله المتنوعة. وكما يقول بروح النبوة في المزمور الثاني والعشرين "باسمك أخبر إخوتي، في وسط الجماعة أسبحك" هكذا في كل مرة يجتمع فيها شعبه إلى اسمه العزيز يأخذ مكانه في وسطهم كالقائد لتسبيحاتهم، وكموضوع عبادتهم.

هنري أيرنسايد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net