الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 17 أغسطس 2004 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
غباء رجل، وإيمان امرأة
واسم الرجل نابال واسم امرأته أبيجايل. وكانت المرأة جيدة الفهم وجميلة الصورة، وأما الرجل فكان قاسياً ورديء الأعمال ( 1صم 25: 3 )
بالإيمان عرفت أبيجايل داود وعرفت مستقبله الجليل، بل بالإيمان أدركت في هذا الشريد المنبوذ ملك إسرائيل العتيد. أما نابال الأحمق فلم يعرف داود لأنه كان عالمياً أنانياً غارقاً في لجج الأشياء الحاضرة، ولم يكن ليهتم إلا في ماله "خبزي .. ومائي .. وذبيحي .. وجازيّ". كانت كل ميوله: نفسي نفسي نفسي، ولم يكن في قلبه مكان لداود أو مطاليب داود. ومع ذلك فلم يكن على داود أن يتشاجر مع هذا البائس الشقي على أملاكه الزائلة وغنيماته، بل بالعكس كان عليه أن يوجه فكره إلى المملكة العتيدة لترتفع نفسه عن كل المؤثرات العالمية الدنيئة.

انظر إلى السيد المسيح نفسه عندما وقف ليُحاكم أمام دودة حقيرة من صنعة يديه، هل قال لجماعته "ليتقلد كل واحد منكم سيفه؟" ( 1صم 25: 13 )، هل قال للرجل الذي جرؤ على الجلوس لمحاكمته "باطلاً وهبت لهذا الإنسان كل ماله؟" كلا، بل نظر إلى العُلا، نظر إلى أبعد من بيلاطس وهيرودس ورؤساء الكهنة والكتبة واستطاع أن يقول: "الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها" وهكذا ظلت نفسه هادئة ومشاعره غير قلقة واستطاع أن ينظر إلى الأمام وأن يشق حُجب المستقبل ثم يقول: "من الآن تُبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة، وآتياً على سحاب السماء". هنا النُصرة الحقيقية على الأشياء الحاضرة. فإن المملكة العتيدة بجميع أمجادها التي لا تستقصى وأفراحها التي لا تُحصى، كانت تلمع من بعيد بنور أبدي وبهاء عجيب فنظر إليها رجل الأحزان في تلك الساعة الرهيبة عندما كانت تعييرات أعدائه تقع على شخصه العجيب.

هذا مثالنا أيها القارئ المسيحي وهكذا ينبغي لنا أن نقابل تجارب الزمان الحاضر ومصاعبه، بل تعييراته وآلامه، وننظر إلى هذه جميعها في نور "المستقبل". إن آلامنا الخفيفة هي لمدة قليلة، وهذه الآلام إنما تبني لنا مجداً أبدياً "وإله كل نعمة الذي دعانا إلى مجده الأبدي في المسيح يسوع، بعدما تألمتم يسيراً، هو يكملكم، ويثبتكم، ويقويكم، ويمكّنكم" ( 1بط 5: 10 ). "أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟" ( لو 24: 26 ). نعم يجب أن تأتي الآلام أولاً ثم المجد أخيراً.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net