الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 6 مايو 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
معجزة إشباع الجموع الأولى
ولما صار المساء تقدم إليه تلاميذه قائلين: الموضع خلاء والوقت قد مضى. اصرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعامًا ( مت 14: 15 )
إني قد تأثرت جدًا من منظر التلاميذ وربهم في حادثة إشباع الجموع، وفيها رأيت مَنْ هو الله، ومَنْ هو الإنسان، ورأيت البُعد الشاسع بينهما والتباين بين قلب الله وقلب الإنسان؛ الفرق بين قلبنا وقلب ربنا يسوع.

ففي الأصحاح الرابع عشر من إنجيل متى، نجد التلاميذ هم البادئون في الكلام، وباعث قلوبهم أن يصرفوا الجموع لا أن يطعموهم «اصرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعامًا». فباعث القلب هذا، باعث رديء جدًا وسيء للغاية ـ باعث يُظهر مشغولية التلاميذ بأنفسهم ونسيانهم للجموع، اشتاقوا أن يُتركوا وحدهم لأنهم شعروا بتطفل وتهجم الجموع ( مر 6: 33 )، وامتاز هذا الباعث بالرياء وبرودة القلب وعدم المبالاة، وقد تجلت فيهم الأنانية بصورة واضحة. أما قلب الرب فكان خلاف ذلك بالتمام، وما كان منه إلا أن أمر بإطعامهم في الحال لا بصرفهم.

وما أغبطنا أيها القارئ العزيز عندما نرى قلبه العطوف يوبخ قلوبنا، وعندما نرى ظلام أنانيتنا الدامس يكشف بهاء نعمته وجمال محبته، ويجب علينا أن نجد لذتنا في هذا النور الذي من الجهة الواحدة يوبخنا ومن الجهة الأخرى يعكس نور محبته فينا.

اغتاظ التلاميذ وأخذهم الغضب، وقالوا، لا يوجد لدينا إلا القليل من الأرغفة والسمك، كيف نبسط مائدة أمام هذا الجمع الغفير؟ وهنا انكشفت حالة قلوبهم وظهر أن لا إيمان لهم ولا محبة فيهم، لم يعرفوا إلا زادهم وقُفتهم وأرغفتهم وسمكهم، ولم يحسبوا لوجود المسيح الرب في وسطهم حسابًا، لم يراعوا الشخص الكريم الحاضر في وسطهم الذي قال: «ائتوني بها إلى هنا». وما أعذب المعاني المتضمنة في هذا القول الذي نطق به الرب، ولسان حاله يقول: في صُحبتكم ورفقتكم مَنْ هو أعظم وأكثر من الأرغفة والسمك، في وسطكم إله البرية الذي أطعمكم أكثر من أربعين سنة. وفعلاً برهن لهم في الحال أن ذراعه لم تقصر عن أن تخلص، وعندئذ أخذ في بسط المائدة وإعدادها.

هنا نرى الإنسان ونرى الله، هنا قلبنا وقلب الرب يسوع المُحب الذي لم يرض أن يعيّرهم أو يوبخهم، بل جعل قلوبهم تؤدبهم مُعطيًا إياهم شاهدًا آخر لمحبته، فوطأ الأمواج وجاء إليهم ( مت 14: 25 ).

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net