الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 17 يونيو 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تكليف وتشريف
ثم قال للتلميذ: هوذا أمك. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته ( يو 19: 26 )
إنها لدلالة ثقة كبيرة، أن يستودع المسيح أمه ليوحنا ليعتني بها. ونحن لا نتعب كثيرًا لنعرف لماذا اختص الرب يوحنا بهذا الأمر، إذ يقول الوحي هنا عنه إنه التلميذ الذي كان يسوع يحبه. فالمحبة تؤتَمَن على أعظم الودائع، وتُكلَّف بأعظم الأعمال. والمحبة من الجانب الآخر تُسرّ أن تخدم. ومَنْ فينا يشك لحظة أن يوحنا، عندما قبل هذه المأمورية، اعتبر الأمر تشريفًا من الرب لا تكليفًا؟

ولنا في هذا درس. فهل عَهِد الرب إليك الاعتناء ببعض من أقربائك؛ أرامل كانوا أم أيتامًا؟ لا تعتبر ذلك عبئًا ثقيلاً، بل اعتبره شرفًا نبيلاً. صحيح أن هؤلاء لن يكونوا على مستوى تقديرنا للمطوّبة مريم، لكن اسمع ما سيقوله الملك للذين عن يمينه، من الذين اعتنوا وأطعموا وزاروا المضطهدين الأذلاء في فترة الضيقة العظيمة: «بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي فعلتم» ( مت 25: 40 ).

يعتقد بعضهم أن يوحنا كان قريبًا للمسيح حسب الجسد. لكن ليس لهذا السبب استودعه الرب أمه ليعتني بها. فهناك آخرون كانوا أكثر قُربًا للرب من يوحنا، هم الذين يقول عنهم الوحي «إخوة الرب». كلا، ليس لمجرد القرابة الجسدية، بل لأنه كان أقرب التلاميذ إلى قلب المسيح. فهو الذي كان يتخذ مكانه في حضن يسوع، ويتكئ على صدره. نعم، إن المحبة هي التي يُشرفها الرب بأعظم الأعمال وأمجدها!

وقد يقول قائل: لكن ألم يشكّ يوحنا في المسيح كباقي التلاميذ الذين قال لهم الرب «كلكم تشكّون فيَّ في هذه الليلة» ( مت 26: 31 )؟ أوَ لم يهرب مع باقي التلاميذ لحظة القبض على سيدنا كقول الوحي «حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا» ( مت 26: 56 )؟ نعم، هذا صحيح. لكن يوحنا الذي جبن وهرب، عاد من جديد ليقف إلى جوار المريمات الحزينات عند جذع الصليب. والرب لم يوبّخه على ضعفه، ولم يعاتبه على جُبنه، بل بلطفه الغامر، وحبه الغافر، كلَّفه هذا التكليف العظيم، بل شرَّفه بهذا الشرف الكبير.

هل قصَّر أحدنا أو ضَعُف؟ هل جَبُن واحد منا أو فشل؟ إننا إن عُدنا إليه الآن، فسنرى أنه ما زال يحبنا كالأول. بل ربما ينتظرنا عمل وخدمة أعظم مما عملناه في كل ما سبق من حياتنا.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net