الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 29 يوليو 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الله محبة
وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا، فلا تستبقِ منها نسمة ما، بل تُحرّمها تحريمًا... لكي لا يعلّموكم أن تعملوا حسب جميع أرجاسهم ( تث 20: 16 - 18)
يتساءل البعض: إن كان الله محبة، وهذا جوهر طبيعته. فهل كان هو محبة عندما أمر شعبه في القديم أن يبيدوا كل الشعوب الكنعانية، وألا يبقوا واحدًا منهم؟

الإجابة: عندما يعلن الوحي أن الله محبة، فهو لا يعني مُطلقًا تجريده من السلطان أن يفعل كما يشاء في مَنْ يشاء من سكان الأرض أو من جُند السماء ( دا 4: 34 ، 35). فالله العلي هو الذي قسم للأمم، ونصب تخومًا لشعوب ( تث 32: 8 )، وهو الذي «حتم بالأوقات المعينة وبحدود مسكنهم» ( أع 17: 26 ). وقبل أن يدخل الشعب إلى أرض كنعان بأكثر من أربعمائة سنة، كان الله قد وعد إبراهيم بأن يعطي نسله أرض كنعان.

لكن الرب في كلامه مع إبراهيم، قال له: «إن ذنب الأموريين (وهم سكان الأرض الأصليين) ليس إلى الآن كاملاً» ( تك 15: 16 ). فانتظر الله، في رحمته وصبره، على هؤلاء الأشرار قرونًا، وكان يقدر أن يحرقهم بنار وكبريت كما فعل مع سدوم وعمورة (تك19). وواضح أن هذا دليل رحمة الرب على تلك الشعوب، لعل لطف الله وإمهاله يقتادهم إلى التوبة ( رو 2: 4 ).

ولقد كانت هذه الشعوب مشهورة بشرور بشعة جدًا، قال الكتاب المقدس عنها إنه بسبب شرورهم القبيحة قذفتهم (أو لفظتهم) الأرض ( لا 18: 24 ، 25). والدولة عندما تقضي على الإرهابيين الذين يروّعون الآمنين، وتحكم على الفاسدين وتجار المخدرات الذين يدمِّرون المجتمع، لا تفعل ذلك نظرًا لقسوتها، بل إن ما تفعله هو في حقيقة الأمر رحمة بالمجتمع، إذ تخلِّصه من أشخاص فاسدين ومُفسدين، تمامًا كما يبتر الجرّاح العضو الفاسد من الجسد رحمة بكل الجسد. فإن كان كل هذا حق ومفهوم من الحكام الذين أقامهم الله، فكم بالحري يكون الحاكم الأعلى للكون!

أضف إلى ما سبق أن الله، وهو يبدأ حكمه الثيوقراطي في العهد القديم باعتباره سيد على الأرض ( يش 4: 13 )، أراد أن يقوم شعبه بأنفسهم بممارسة القضاء الإلهي على هذه الشعوب، تحت إرشاده هو شخصيًا، وذلك لكي يتعلم شعبه عمليًا مقدار كراهية الرب للخطية، فلا يتمثلوا بهذه الشعوب في نجاساتهم. ولقد أنذرهم الرب بأن قضاء السيف سيعمل فيهم هم أنفسهم لو انحرفوا عن الرب، وتشبّهوا بالأمم في خطاياهم ونجاساتهم، وهو ما حدث بعد ذلك فعلاً.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net