الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 20 نوفمبر 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
درس من الطيور
وكانت الغربان تأتي إليه بخبز ولحم صباحًا، وبخبز ولحم مساءً، وكان يشرب من النهر ( 1مل 17: 6 )
إنه مشهد عجيب، كان يراه إيليا مرتين في اليوم، منظر غراب يحمل في فمه «خبز ولحم»!! أن نرى غرابًا يهرب بطعام قد خطفه، هذا أمر طبيعي، لكن أن يُحضر غراب طعامًا دون أن يهرب به ويأكله، فهذا أمر يدعو للدهشة والتعجب!!

ما الذي حدث للغراب؟ مَنْ الذي غيَّر من طبيعته التي تميل إلى الخطف والسرقة، وجعله هكذا أليفًا مستأنسًا؟! بل إنني أتجاسر وأقول، لقد صار الغراب صديقًا وفيًا لإيليا الذي لم يكن له سابق معرفة به، مع أنه لم يكن على الإطلاق صديقًا وفيًا لنوح الذي كان يعرفه، بل وكان هو الذي يُطعمه داخل الفلك!! إننا لا نجد سببًا منطقيًا نستطيع أن نقوله، لكننا نستطيع أن نجزم عن يقين، أن الرب هو الذي جعل الغراب يفعل ذلك!

سأل مرة الرب شعبه قائلاً: «هل يغيِّر الكوشي جلده أو النمر رُقطه؟ فأنتم أيضًا تقدرون أن تصنعوا خيرًا أيها المتعلمون الشر!» ( إر 13: 23 ). لقد كانت الإجابة أنه لا يستطيع أحد من البشر أن يفعل ذلك. فمَنْ يستطيع أن يغيِّر الطبيعة الفاسدة المتاصلة في الكيان في الداخل. وهذا ما أدركه أيوب، فقال للرب: «ولو اغتسلت في الثلج، ونظَّفت يديَّ بالأشنان، فإنك في النقع تغمسني حتى تكرهني ثيابي» ( أي 9: 30 ، 31). بل هذا ما يُعلنه أيضًا الرب لإرميا ( إر 2: 22 ).

ولكن شكرًا للرب الذي قال: «غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله» ( لو 18: 27 ). فالذي جعل الغراب يُحضر الطعام لإيليا، هو وحده القادر أن يمنح طبيعة جديدة، تختلف تمامًا عن الطبيعة القديمة «إذًا إن كان أحدٌ في المسيح، فهو خليقة جديدة: الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا» ( 2كو 5: 17 ). فبعد أن كانت تحكمنا أهواء وشهوات رديئة، صارت لنا دوافع مقدسة، ترغب في كل ما هو روحي وإلهي، وهذا ما يُشير إليه الرسول يوحنا بالقول: «المولود من الجسد جسدٌ هو، والمولود من الروح هو روح» ( يو 3: 6 ). فإن كان الأشرار من حولنا ينطبق عليهم القول: «مكروه وفاسدٌ الإنسان الشارب الإثم كالماء» ( أي 15: 16 )، أما نحن فلنا أن نقول مع الرسول بولس: «نحن الذين مُتنا عن الخطية، كيف نعيش بعد فيها؟!» ( رو 6: 1 ).

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net