الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 17 ديسمبر 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مُتقدمٌ في كل شيء
في ذلك الوقت أجاب يسوع وقال: أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض ... نعم أيها الآب، لأن هكذا صارت المسرة أمامك ( مت 11: 25 ، 26)
إن ذلك الوديع المتواضع، قابل مقاومة العالم له ورفضه إياه، وكل إخفاق وسط شعب إسرائيل، وشكوك تلاميذه وجهالتهم، كل هذا قابله بقوله: «نعم أيها الآب، لأن هكذا صارت المسرة أمامك». واستطاع أن يبتعد عن مقاومات الشر ويكون في الشركة مع الله حيث مصدر كل بركة. وإن ذلك المخلِّص المُمجد، الذي نزل من السماء إلى هذه الأرض الملعونة، ليُظهر محبة الله الكاملة للناس، ذلك الذي سار في جهاده وخدمته رغمًا عن عداوة الناس المُستحكمة، ذلك المخلص لم يَبدُ عليه أدنى سخط أو مرارة، ولم ينبّس بتعيير أو قدح، أو أمر ينم عن القساوة والخشونة.

أما أفاضل الناس وأحسنهم، إذا قِسناهم على المقياس الكامل لحياة الرب يسوع، فعندئذ يظهر عجزهم الكُلي وقصورهم المتناهي، لأن نور مجده الأبدي يُظهِر عيوب ونقائص أعظم الناس كمالاً «لكي يكون هو متقدمًا في كل شيء». وهو مثال بعيد المنال، حتى أنه ليتعذر علينا إجراء مقارنة بينه وبين أيوب أو إرميا في صبرهما وخضوعهما لاحتمال كل ما كان عليهما أن يمرا فيه. فأيوب خرَّ صريعًا تحت عبء تجاربه الشديدة الوطأة، ولم يُمطر رفاقه وابلاً من التعبيرات والمذمات فقط، بل حدا به الأمر لأن يلعن اليوم الذي وُلِدَ فيه ( أي 3: 1 - 3). وهذا هو عين الحال مع إرميا رجل الله المبارك، فلقد سقط هو أيضًا مجندلاً تحت ثقل أحزانه العديدة المتراكمة، فبرزت نفثات عواطفه وزفرات مشاعره في كلماته المُرَّة التي فيها يلعن أيضًا اليوم الذي وُلِدَ فيه، بل ويلعن أيضًا الإنسان الذي بشَّر بولادته، يلعنه لأنه لم يقتله ( إر 20: 14 - 18).

حقًا ما أبعد (البون) بين ما أظهره النبي إرميا وأيوب، وبين ما أبداه ذلك الوديع المتواضع يسوع الناصري. فلقد مرَّ ذلك الحَمَل الذي لا عيب فيه، في أحزان أكثر عددًا وأعمق غورًا من كل أحزان خدامه معًا، ومع ذلك لم تخرج مُطلقًا كلمة تذمر من بين شفتيه، بل احتملها كلها بصبر وأناة، وقابل الساعة الرهيبة في حياته بالقول: «الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها؟». ليتبارك اسمك أيها الرب يسوع ابن الله، فأنت مستحق منا كل سجود وعبادة. أنت هو حقًا المُعلَمْ بين ربوة، وكُلَّك مشتهيات!

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net