ودعا يوسف اسم البكر "منسى" قائلاً: لأن الله أنساني كل تعبي وكل بيت أبي ( تك 41: 51 )
لقد تحددت اتجاهات وأفكار يوسف الكثيرة لتصير في اتجاه واحد، وجُمعت العواطف، وأصبح القلب موّحدًا، وكذلك تمركز في إرادته أن يسعى نحو الهدف، ونحو نصيب واحد وهو مجد الرب.
لقد دعا يوسف ابنه البكر «منسى» أي "النسيان" كتعبير عن اختباره الشخصي، وعن حالة روحية قد وصلها يوسف بعد كثير من التدريبات. ومن خلال ذلك الاختبار، استطاع يوسف أن ينسى الذكريات المؤلمة وحقد الغادرين، وذلك الماضي الحزين. النسيان هو تلك الطاقة والقدرة لعزيمة النفس التي تريد النجاح، وتسعى إلى الأمام لتكميل المشوار. النسيان هو طرح تلك الملفات القديمة من مخزن الذاكرة، وهو الأسلوب الوحيد لإزالة المعوقات للتقدم إلى الأمام «أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام» ( في 3: 13 ). ليس سهلاً على النفس أن تنسى ما هو وراء، والشخص الذي تعلَّم هذا الدرس، هو الذي يستطيع بعده أن يمتد إلى ما هو أمام، ويمتلك الابن الثاني «أفرايم» الذي معناه "الثمر المُضاعف". فبدون النسيان لا يمكن أن نُثمر لله، «لأن الله أنساني كل تعبي وكل بيت أبي»، أنساه كل التربية والأهداف القديمة التي لم تكن متوافقة مع الفكر الإلهي. أنساه تلك الصراعات والمتاعب التي كانت معطلة في طريق الإثمار.
لقد ولد أفرايم بعد مَنَسى، لقد جاء الثمر بعد النسيان، وفقط في أرض المذلة وفي تربة الآلام والحرمان، استطاع الرب أن يجعل يوسف غصنًا مُثمرًا في أرض الإذلال. «أفرايم ... لأن الله جعلني مُثمرًا في أرض مذلتي».
تذكَّر أخي المؤمن إن كان في قلبك أحمال، أو أحزان، أو إدانة وحكم، أو حساب على أحد من إخوتك، ولم تنسَ ذلك، ولم تغفر للآخرين ولنفسك، أنه لن يمكنك أن تمتد إلى ما هو قدام، وستبقى متوقفًا عن الإثمار. وعلى قدر النسيان، على هذا القدر سيكون الإتيان بالأثمار. هذا ما اختبره بولس وسيلا وهما في سجن فيلبي ( أع 16: 25 ). لقد نسيا آلامهما وانشغلا بالرب في الصلاة، وشكرا وسبَّحا كبرهان النسيان. ونتيجة لذلك، خلص سجان فيلبي كثمرة النسيان في سجن الحرمان.