كما أن بذرة الكزبرة صغيرة مستديرة. في صِغرها تُشير إلى تواضعه، وفي استدارتها تُشير إلى أنه لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة، فهو الأزلي الأبدي.
ويُقال عن المَنْ أيضًا إنه «دقيق» أو «رقيق» (Fine) ( خر 16: 14 ) وهنا نرى صورة للمسيح في رقته ووداعته وتواضع قلبه.
ويُقال عنه أيضًا إنه «مثل قشور» أو «مستدير»(granular or round) ( خر 16: 14 ). وفي هذا نرى أيضًا رمزًا إلى أن المسيح ـ له كل المجد ـ هو لجميع العالم. وتُرينا أيضًا كم كان المسيح قريبًا من الصغير والكبير، الغني والفقير، المتدين والفاجر، الجميع على السواء أمكنهم أن يصلوا إليه، ليتباركوا فيه.
وكان لون المَنْ «أبيض» ( خر 16: 31 ) رمزًا إلى حياة ربنا يسوع المسيح الطاهرة «حبيبي أبيض وأحمر» ( نش 5: 10 ). ففي المسيح ـ له المجد ـ كمال أدبي فائق لا أثر للعيب فيه، وهو فريد في هذا الكمال وليس له نظير. فالمولود من العذراء هو «القدوس» ( لو 1: 35 )، وهو الذي في كل حياته «لم يفعل خطية» ( 1بط 2: 22 ) و«لم يعرف خطية» ( 2كو 5: 21 ) و«ليس فيه خطية» ( 1يو 3: 5 ).
ولكن الأكل من المَن، والتمتع بالخبز النازل من السماء، يحتاجان إلى ذوق سماوي، أما الإنسان الطبيعي، فلن يجد في هذا الطعام لذة، فيشتاق إلى طعام مصر، ويميل للرجوع إلى الوراء ( عد 11: 4 ، 5). وواضح أننا إذا أردنا التمتع بالمسيح، فعلينا أن نفطم قلوبنا عن كل ما في العالم الحاضر الشرير، عن كل شهوة نرغب فيها بحسب الإنسان الطبيعي، أي كأُناس أحياء في الجسد، وعندئذ نستطيع أن نختبر المكتوب «ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب».