الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 26 فبراير 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
حقل الفخاري
حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي القائل: وأخذوا الثلاثين من الفضة، ثمن المُثمَّن الذي ثَمَّنوه من بني إسرائيل، وأعطوها عن حقل الفخاري، كما أمرني الرب ( مت 27: 9 )
ندم يهوذا الإسخريوطي على فعلته، وقال: «قد أخطأت إذ سلَّمت دمًا بريئًا» وأجرة الإثم، الفضة التي طرحها يهوذا في الهيكل رُميت عند أقدام رئيس الكهنة والشيوخ. فلا ندامة ذلك التعيس، ولا شهادته لبراءة الرب يسوع مسَّت قلوبهم أو حرَّكت فيهم أية رحمة «فقالوا: ماذا علينا؟ أنت أَبصِرْ!». هذا ما قالوه، في الوقت الذي فيه ساورتهم الشكوك حول وضع تلك الفضة في خزانة القرابين لأنها «ثمن دم». وهذا هو الإنسان، لا يحكم على خطيته في نور حضرة الله، حتى ولو أُعطيت له الفرصة ليفعل ذلك، بل يعلل نفسه بحفظ شكليات دينية ظاهرية. لكن الديانة بلا مسيح، لا تساوي شيئًا. وتأملوا كم أسرفوا في إهانة الرب يسوع بتصرفهم هذا، إذا ما رجعتم إلى الفصل الذي استندوا إليه في الناموس «لا تُدخل أجرة زانية ولا ثمن كلب إلى بيت الرب إلهك عن نذرٍ ما، لأنهما كليهما رجسٌ لدى الرب إلهك» ( تث 23: 18 ).

«فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء. لهذا سُمي ذلك الحقل «حقل الدم إلى هذا اليوم» ( مت 27: 7 ، 8). وهكذا أقاموا نصبًا تذكاريًا لعارهم في "حقل دما" أي «حقل دمٍ» ( أع 1: 19 ). وذلك الشعب الذي قال: «اعزلوا من أمامنا قدوس إسرائيل» وجلبوا على أنفسهم دمه، جعلوا ميراثهم الموعود به من الله «حقل دَمَا»! ( إش 30: 8 - 14؛ إر19: 10- 13؛ مت27: 25).

أ لم يتفرَّقوا بعد ذلك إلى أربع رياح الأرض. نعم كسرهم الله كما يُكسَر وعاء الفخاري، وفي «توفة» (مكان القتل) يُدفَنون حتى لا يكون موضعٌ للدفن (إر19). هذا ما يذكّرنا به «حقل دَمَا». وتلك المدينة، بل والعالم كله، أصبح حقل دم، وحقل فخاري، حيث سُفك دم ابن الله، حيث فسد كل ما خلقه الله حسنًا. وماذا بقيَ في العالم ليقدمه للمؤمن الغريب والنزيل فيه؟ إن تأنى الرب، فليس للمؤمن في هذا العالم سوى مقبرة لجسده المائت. والرب لم يجد له في هذا العالم سوى الصليب والقبر. وما قاله إشعياء وإرميا عن أورشليم، هو صورة صحيحة لمشهد هذا العالم حيث تعبر فيه أقدامنا لزمان يسير. فهل تعي أذهانهم الآن هذا القول: «ألقها إلى الفخاري، الثمن الكريم الذي ثمنوني به» ( زك 11: 12 ، 13)؟

فريتز فون كيتسل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net