الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 12 مارس 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يسوع مُصليًا
فقال يسوع: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ( لو 23: 34 )
إن الرب يسوع مع أنه الله، لكنه أيضًا إنسان، وكلماته هنا إنسانية تمامًا، لكن فيها شموخ النُبل الإنساني الذي لم يعرفه أحد قبله. لقد قال المسيح لتلاميذه: «أحبوا أعداءكم .. وصلوا لأجل الذين يُسيئون إليكم». يا للمستوى الراقي! صحيح، لقد صلى إبراهيم خليل الله لأجل أهل سدوم الخطاة، لكنه صلى لأجلهم من أجل لوط ابن أخيه. وصلى موسى كليم الله لأجل الشعب المُخطئ، لكنهم أيضًا شعبه. لكن مَنْ قبل، مسيح الله، صلى لأجل أعدائه؟ وإن كان شهداء المسيحية ساروا بعد ذلك على نهج المسيح القدوة، كما فعل مثلاً استفانوس الشهيد ( أع 7: 59 ، 60)، فإنما يظل المسيح هو الأصل والمصدر، والكل تعلموا منه، كما أنه لم يبلغ أحد القمة نظيره.

ويلفت النظر أن استفانوس صلى لأجل نفسه أولاً، ثم بعد ذلك صلى لأجل قاتليه، أما المسيح، فكانت أولى عباراته من فوق الصليب، هي صلاة لأجل قاتليه، وآخر عباراته (العبارة السابعة) هي صلاة لأجل نفسه!

إنه بحق نموذج للصفح عن الإساءة، ودمه فعلاً «يتكلم أفضل من هابيل» ( عب 12: 24 )، فدم هابيل، الشهيد الأول، صرخ إلى الله يطلب نقمته من أخيه، أما "يسوع"، الشهيد الأعظم، فقد طلب من الله الصفح لصالبيه!

وإذا رجعنا إلى إشعياء 53، حيث النبوة الشهيرة عن آلام المسيح، نجد نحو عشر نبوات تمت بدقة فائقة في المسيح الذبيح. وآخر نبوتين فيها، هما «وأُحصيَ مع أثمة، وهو حَمَل خطية كثيرين، وشفع في المُذنبين».

«أُحصيَ مع أثمة»: هذا ما فعله البشر إذ صلبوه مع المُذنبين واحدًا عن يمينه، والآخر عن يساره. «فتم الكتاب القائل، وأُحصيَ مع أثمة» ( مر 15: 28 )، لكنه هو «حَمل خطية كثيرين، وشفع في المُذنبين»، وهذا ما فعله هنا عندما قال: «يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون».

نعم، إنَّ آخِر ما عندهم قدموه له، إذ صلبوه. فقدَّم هو لهم أول ما عنده إذ تشفّع لأجلهم. فعندما أفرغوا ما في جُعبتهم، بدأ هو ـ تبارك اسمه ـ يفيض بالجود. فختام أصحاح الآلام (إش53) يشير إلى هذه الصلاة، التي هي أولى عبارات المسيح فوق الصليب.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net