أما إليكم يا جميع عابري الطريق. تطلعوا وانظروا إن كان حزن مثل حزني الذي صُنع بي، الذي أذلني به الرب يوم حمو غضبه ( مرا 1: 12 )
إن تيارات الكراهية والحقد نحو ربنا يسوع المسيح ما كانت لتقف عند حد. ولهذا فإنهم بعد أن صلبوا المسيح، نقرأ في البشائر عن جماعات أتت لكي يشاهدوا المصلوب، شأنهم في ذلك كل البشر عندما تقع عيونهم على مشاهد غير مألوفة. وتحدثنا البشائر عن المستوى الراقي ”رؤساء الكهنة“، وعن المستوى العادي ”المجتازون“، وعن المستوى المنحط: ”اللصان“. الكل كان له حصته في تعيير قدوس الله، ابن الله الكريم.
هناك مَنْ أتى إلى الجلجثة بدافع الواجب والمهمة، وهناك من أتى بدافع التشفي والشماتة من المتألم القدوس، وهناك مَنْ كان مرورهم صُدفة، مجرد عابرين توقفوا أمام مشهد مُثير، وهم الذين سنتحدث عنهم الآن، وعنهم قال البشير لوقا: «كان الشعب واقفين ينظرون» ( لو 23: 35 ).
نحن نعرف أن حوادث الجلجثة تمت يوم عيد الفصح. والمدينة في مثل ذلك اليوم تكون مكتظة بالوافدين الغرباء الذين يفدون إليها من كل صقع وربع، ليعيِّدوا في مدينة الآباء والهيكل. وكانت مشاهد الجلجثة بالنسبة لهم شيئًا مُثيرًا يستحق النظر للتسلية وتمضية الوقت. لكن تُرى، أ كان لهذه الجموع المحتشدة النظرة الأعمق إلى الأمور، من تلك النظرة السطحية، نظرة الفضول أو التسلية؟
كلا بالأسف. فيقول المسيح بروح النبوة: «ثقبوا يديّ ورجليّ. أُحصي كل عظامي. وهم ينظرون ويتفرسون فيّ» ( مز 22: 16، 17). وآية اليوم من سفر المراثي تؤكد الفكر عينه.
وعبارة: «أمَا إليكم» تعني: أمَا يعنيكم هذا المنظر في شيء؟ ألا يحمل معنى خاصًا لكم؟ أمَا تذكرون ما قاله إشعياء النبي: «لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها. ونحن حسبناه مُصابًا مضروبًا من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا»؟ ( إش 53: 4، 5)