الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 22 أغسطس 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ليلة بدون يسوع
ولما كان المساء نزل تلاميذه إلى البحر، فدخلوا السفينة.. وكان الظلام قد أقبل، ولم يكن يسوع قد أتى إليهم. وهاج البحر من ريحٍ عظيمة تهب ( يو 6: 16 - 18)
كم من ليلة مُظلمة خيَّمت على بحر طبرية، أبى التاريخ لها تسجيلاً. كم من عاصفة هوجاء لاطمته في عُنف، فأحالت رقعته المترامية إلى أمواج حاكت الجبال علوًا والأعماق غورًا. وكم من مشهد خطر شهدته التلال المُحدقة بمياهه الزرقاء طَوَت الأيام ذكرها ومَحَت آثارها. ولكن ها هنا ليلة واحدة، وعاصفة واحدة تنفرد بالتسجيل وستظل ذكراها خالدة أبد الدهر.

كان ليل، وقد توارت الشمس خلف المنحدرات المُحيطة بطبرية، فسَادَ الظلام. وكان بصيص أضواء كفر ناحوم وكورزين، هو كل ما يكسر حدة الظلام. كان ليل، وكان التلاميذ منفردين. فقد كان السيد غائبًا مما ضاعف ظلام ليلتهم. كانوا قد تركوا توًا المنحدرات الخضراء حيث قضوا الليل كله في رفقة السيد، ولكن الظلام كان قد أدركهم قبل أن يبتعدوا كثيرًا. حلّ منتصف الليل وكان لزامًا عليهم أن يجدفوا في حلقة الظلام. وفضلاً عن ذلك كانوا منفردين، إذ لم يكن الرب يسوع قد أتى بعد. توقعوا أن يلحق بهم بعد إقلاعهم، وما فتئوا ينتظرونه مُقبلاً في سفينة أخرى، ولكنه لم يصل. إن حرمانهم من محضره كان مُكدِرًا، فكم أكثر تكديرًا يكون غيابه عنهم، وهم في بحر تجلله ظلمة الليل.

كان ليل مشقة وعناء، وكم كان عناء التجديف مُرهقًا بعد يوم مليء بالحركة والعمل، قضوه في إطعام الجموع. وما كان أحوجهم إلى محضر السيد، باعث الطمأنينة والبهجة، ولكنه كان غائبًا عنهم، فضاعف هذا من كدّهم وأثقل قلوبهم.

كان ليل مخاطر وهول، هاج البحر إذ انطلقت العاصفة من عقالها، فأحدق الخطر بهم. ولعلهم كانوا يناجون بعضهم بعضًا قائلين: لماذا هاجت العاصفة علينا، وكأنهم يلومونه على تأخره. ولو كان معهم، حتى وإن يكن مستغرقًا في النوم لهدَّأ وجوده من روعتهم وسكّن مخاوفهم. ولكنه لم يكن قد وصل بعد.

ما أعظم ما استحوذ على أفئدة التلاميذ من يأس وانزعاج!! إنه لأمر يصعب علينا تصوره. ولعلنا واجدون في هذه الكلمات ما ينبئ عما ساورهم من مخاوف في تلك الليلة الرهيبة «كان الظلام قد أقبل، ولم يكن يسوع قد أتى إليهم». كان إبطاؤه امتحانًا لإيمانهم. ولكنه لا يجرّبهم فوق طاقتهم، فإنه إنما يجرِّب لكي يقوِّي.

كاتب غير معروف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net