فقام (فيلبس) وذهب. وإذا رجلٌ حبشيٌ خصي، وزير لكنداكة ملكة الحبشة، كان على جميع خزائنها. فهذا كان قد جاء إلى أورشليم ليسجد ( أع 8: 27 )
على الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة، وَجَد فيلبس واحدًا من عظماء الأرض عائدًا إلى بيته مغمومًا. لقد ذهب إلى أورشليم، التي كانت فيما مضى مركز الديانة الصحيحة، حيث يحل اسم الله، لكنه عاد في ظلام روحي مثلما ذهب. ولنا أن نتعجب من هذا، خاصة أن المدينة كانت مضطربة بهذا التعليم الجديد المتعلق بيسوع الناصري، وأنه كان هناك جمعٌ كبير قد خلص حديثًا، وآيات وعجائب كثيرة كانت قد صُنعت باسم يسوع. لكن يبدو أنه لم يصل لهذا السياسي من كل هذه الأمور إلا القليل جدًا، أو ربما لم يصله شيء على الإطلاق. أَ يمكنه أن يكون ـ مثلما يفعل الكثيرون اليوم ـ قد تجاهل هؤلاء الذين ليست لهم مكانة بارزة في السلطة الدينية، والتجأ بدلاً من ذلك إلى الأسماء الرنانة في اليهودية؟! لقد ذهب إلى الهيكل الذي كان «يهوه» قد تركه، والتمس النور من قادة العُمي، العميان نظيرهم! وهذا ما يفعله الكثيرون اليوم. إن القليلين هم الذين يستمعون إلى المتواضعين من العامة، الذين يكرزون بالمسيح، والذين بدلاً من أن يصنعوا اسمًا لأنفسهم، يسعون ليرفعوا ذلك الاسم الذي هو فوق كل اسم.
على أية حال، فإن ذلك الإنسان عاد خاويًا مثلما ذهب تمامًا. لكنه على الأقل أحضر معه شيئًا قيّمًا، هو نسخة لجزء من ـ إن لم يكن كل ـ كلمة الله. وكان وهو عائد يقرأ إشعياء53. وكل ما كان فيلبس يريد أن يقوله، كان جاهزًا له، فهل هناك نص يناسب أي مبشر أفضل من إشعياء53؟
فٍسأله فيلبس: «أَ لعلك تفهم ما أنت تقرأ؟». ومع أن الخصي كان رجلاً عظيمًا، إلا أنه كان على ما يبدو متواضعًا، وكان هذا لأجل صالحه الأبدي. فالكبرياء هي تاج الخطايا التي تُبعد الإنسان عن المسيح. ولهذا فإنه أجاب: «كيف يُمكنني إن لم يُرشدني أحد؟ .. ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشّره بيسوع». فأخبره عن الخزي الذي لحق بالمخلِّص، وعن موته الكفاري. ويُحتمل أن يكون أخبره على أن الذين آمنوا بالمخلص عليهم أن يتبعوا إيمانهم بالمعمودية، لأنهما عندما أقبلا على ماء «قال الخصي: هوذا ماءٌ. ماذا يمنع أن أعتمد؟». ولقد كان عنده الإيمان الحقيقي بالمسيح، ولهذا فقد عمَّده فيلبس.