الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 6 أكتوبر 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الحنين والتوجه إلى الله
كسنونة مُزقزقة هكذا أصيح. أهدر كحمامة. قد ضعفت عيناي ناظرة إلى العلاء. يارب، قد تضايقت. كُن لي ضامنًا ( إش 38: 14 )
لقد تعرَّض حزقيا لمِحنة شديدة، عندما جاء إليه إشعياء النبي قائلاً له: «هكذا يقول الرب أوصِ بيتك لأنك تموت ولا تعيش» ( إش 38: 1 ). وكم كانت هذه الكلمات قاسية على نفس حزقيا. فها قد انتهت حياته وتلاشت أيامه، وعليه الآن أنه يواجه الموت برهبته. إلا أن حزقيا تضرع إلى الله بالصلاة والدموع كي يُطيل أيامه، والرب استمع له واستجاب التماسه.

غير أنه بعد أن نال حزقيا بُغيته، وهدأت نفسه، نجده يسجل لنا اختباره هذا في أنشودة رائعة شجية، وما كنا نتوقع أن يخرج مثل هذا اللحن الرخيم من الملك حزقيا، فما كنا نعرفه كرجل صلاة أو رجل العُمق والتدريبات الروحية، بل إننا لا نقرأ في كل حياته كلمات رائعة كالتي نسمعها منه هنا، مُعبِّرة عن اختبار حقيقي واقعي عاش فيه واختبره. إننا نجد تطلعًا وشوقًا وحنينًا مُتزايدًا إلى الله، ومن هنا نستطيع أن نقول إن مدرسة الألم تُخرج لنا أُناسًا أكثر ارتباطًا والتصاقًا بالرب. إن الضيق الذي أصاب حزقيا، أنشأ فيه نضوجًا روحيًا، فإن كنا في البداية نراه مشغولاً بحاجته، مُصليًا لأجل نفسه، إلا أننا بعد ذلك نراه يتحول نحو هذا الإله المجيد واجدًا فيه كل مُبتغاه وكل أمانيه. فنستمع إلى هديره الحلو الهادئ والذي يُعبِّر عن نفس متعطشة لباريها، وروح جائعة لإلهها.

وإننا نجد الاختبار ذاته يتكرر كثيرًا على صفحات الوحي. فإذ نقترب إلى داود وهو مُطارد من شاول، عندما كان في برية يهوذا، ونستمع إلى أنّات قلبه وهديره الحزين، لا نستمع إلى كلمات تطلب خلاصًا من شاول، أو استعجالاً للجلوس على العرش، أو قليلاً من الراحة بعد كثرة العناء والمشقة من مُلاحقة شاول المستمرة له. لا لم يكن هذا هو هدير داود من جرّاء الضيق الذي يجتاز فيه، بل إن هذا الضيق أنشأ في داود مزيدًا من الحنين والأشواق للرب، وليس لخلاصه!! من أجل ذلك نستمع إلى لحنه الراقي الصافي قائلاً: «يا الله إلهي أنت. إليك أُبكر. عَطشت إليك نفسي. يشتاق إليك جسدي في أرضٍ ناشفة ويابسة بلا ماء» (مز63).

حقًا ما أروع هذا الهدير، وما أسماه وأرقاه. ليتنا جميعًا تتوافق أنغام قلوبنا مع أنَّات شفاهنا في لحن واحد فريد، يشق السماء، مُعبرًا عن لهفة قلوبنا وشوق نفوسنا إليه وحده.

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net