الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 16 ديسمبر 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الوديع الذي لا يدين
فقال لها يسوع: ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تُخطئي أيضًا ( يو 8: 11 )
كلمة الوداعة في اليونانية هي ”Praus“ والتي تعني القوة. ففي عالم الطب توصف المراهم الناعمة من الخارج بأنها وديعة Praus ولكنها تحمل القوة على الشفاء. وفي مجال القضاء تُطلق على القاضي، الذي في سُلطته أن يوقع أقصى عقوبة، ولكن في رقته يستعمل الرأفة والرحمة موقعًا الحكم الأبسط. وهي أيضًا صفة تُطلق على الملوك الذين يستطيعون التنكيل بأسراهم، ولكنهم يتعاملون معهم بعطف وشفقة.

فالوداعة إذًا مظهر للقوة وليس للضعف، والمعنى يتضح بصورة أقوى حينما نستعرض سِمات الوداعة في حياة الرب. ففي حادثة المرأة التي أُمسكت في ذات الفعل (يو8)، أراد الكهنة والفريسيون أن يدينوها، مطبّقين حكم الناموس عليها بأن يرجموها رميًا بالحجارة، وقد نسوا أن الشخص الوحيد الذي من حقه أن يدين هو المسيح، لأن هذا حقه الذي أخذه من الآب ( يو 5: 22 ). وهو أيضًا الوحيد الذي بلا خطية، والذي تحدّاهم في الأصحاح ذاته قائلاً: «مَنْ منكم يُبكتني على خطية» ( يو 8: 46 )، أما هم جميعًا فتحت الدينونة عينها، ولقد ذكَّرهم الرب بذلك قائلاً: «مَنْ كان منكم بلا خطية، فليرمها أولاً بحجر». وحينما تراجعوا جميعًا، وفارقوا المكان مُبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين، تحت ثقل ضمائرهم المُشتكية عليهم، بقي هو وحده والمرأة واقفة في الوسط. ثم انتصب يسوع وقال لها: «أين هم أولئك المشتكون عليكِ؟ أَمَا دانكِ أحد؟ فقالت: لا أحد، يا سيد! فقال لها يسوع: ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تُخطئي أيضًا».

إن الإنسان ذا الضمير المُثقَّل بسبب خطيته، عادة ما يكون شديد القسوة في إدانته للآخرين، ولنذكر حادثة داود حينما ذهب إليه ناثان النبي، وسرد أمامه قصة تصويرية عن الرجل الذي اغتصب نعجة قريبه، لقد حكم داود بدون رحمة على المُدان، ومشرِّعًا بحكم قاسٍ لم يَرِد حتى في الشريعة، ولكن الإنسان الصالح عادة ما يكون مترفقًا بالضالين والجهَّال، مُظهرًا روح الوداعة في الحكم عليهم. وهذا عين ما يذكره الرسول: «إن انسبق إنسانٌ فأُخذ في زلة ما، فأصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة» ( غل 6: 1 ).

مسعد رزيق
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net