اثنتان من العجلات وأربعة من الثيران أعطاها لبني جرشون ... وأربع من العجلات وثمانية من الثيران أعطاها لبني مراري ... وأما بنو قهات فلم يُعطهم ( عد 7: 7 -9)
يتضمن الأصحاح السابع من سفر العدد، التقدمات والعطايا التي قدمها رؤساء الشعب بكل سخاء ومحبة لخدمة الأقداس. والنقطة التي نوجه الالتفات إليها هي أن تقدمة من تلك التقدمات كانت مُخصصة لخدمة اللاويين ما عدا بني قهات، فلم يكن لهم نصيب في تلك التقدمة، فالقهاتيون اؤتمنوا على الأواني ليحملوها على الأكتاف ( عد 7: 1 - 9).
فاللاويين من بني مراري ومن بني جرشون قد أُعطيت لهم كل الثيران والعجلات التي قدمها الرؤساء، ولم يُعطَ لبني قهات شيء منها، وذلك لأنه لا يوجد لدى الله في الخدمة الإلهية نظام الموازين البشرية لكي يحفظ الناس في روح الهدوء والرضى بواسطة المساواة في الأنصبة، إذ لو كان الأمر كذلك لما وُجد مجال للنشاط والنمو في ممارسة النعمة الموهوبة لكل واحد، إذ يكون وصل للنهاية التي لا تتطلب المزيد، وإنما الأمر بعكس ذلك لأن المحك الوحيد لإيماننا ومحبتنا، هو أن الله يرتب لكل واحد منا عمله ومكانه في الخدمة بحسب كلمته وإرادته المُطلقة. إذًا لا أساس بالمرة لفكرة وجود خادمين متشابهين أو متساويين «أعطى واحدًا خمس وزنات، وآخر وزنتين، وآخر وزنة. كل واحد على قدر طاقته» ( مت 25: 15 ).
إن هذا التنوع أو الاختلاف في الموهبة والخدمة وإن كان يعرّضنا لتحرك العوامل الجسدية، إلا أنه ينشئ أحلى وأجمل اختبار للنعمة طالما كنا ناظرين إلى الرب ومشغولين به وبمحبته. وهل يشعر إنسان شكور، بمرارة في نفسه من نحو أخيه لأنه يختلف عنه ولا يُشبهه؟ إن الأمر على النقيض، إذ لا بد أن يفيض قلبه بفرح صادق لأجل ما رأى من المسيح في غيره ولا يمتلكه هو لنفسه.
وقد رتب الرب بعنايته هذا التنوع في الخدمة بين اللاويين لتدريبهم على إظهار روح إنكار النفس وعدم محبة الذات، فالصغار بينهم كانت لهم الثيران والعجلات، بينما الذين كانوا في أعلى مركز، اؤتمنوا على أثمن خدمة، كان عليهم أن يحملوا أواني القدس على أكتافهم، وهذه الخدمة كانت تُمارس في جو هادئ، وكانت مُجرَّدة من روح الظهور والتباهي أمام الناس، إلا أن هذا المركز الأسمى كان مقترنًا بأعظم التدريبات للإيمان. ليُعطنا الرب أن نفرح ليس فقط بما أعطاه لنا، بل بما منعه عنا وائتمن عليه آخرين غيرنا.