وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل مَنْ يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية ( يو 3: 14 ، 15)
«ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟» ( أع 16: 30 ). كثيرًا ما سُئل هذا السؤال منذ أن نطق حافظ السجن في فيلبي بهذه الكلمات لأول مرة. وما أشد الحاجة إلى أن يكون ذلك الجواب الإلهي أمامنا، ولا سيما ونحن نرى الكثيرين يتمسكون بشدة بالبر الذاتي وبالفرائض الإنسانية كوسيلة للخلاص.
ما أحلى وأبسط جواب الروح القدس المُعطى على لسان بولس الرسول: «آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص» ( أع 16: 31 ). ولكن ما أصعب إقناع الخاطئ بأن هذا هو كل ما يطلبه الله منه، مع أننا لو تصفحنا كلمة الله جميعها، لا نجد إنسانًا واحدًا قد خلَّص نفسه.
مثال ذلك على رمال البرية، نجد جمهورًا من الإسرائيليين مطروحًا يكابد غصص الموت الناتج من لدغات الحيَّات المُحرقة جزاء شره (عد21). وما الذي يستطيع أن يخلِّص هؤلاء الإسرائيليين؟ إن كانت صلواتهم أو أعمال برهم تستطيع ذلك، فها هو وقت عملها. ديانتهم ديانة أعمال وفرائض، ولكنهم أخطأوا إلى الله وقد تداخل ـ تبارك اسمه ـ في الأمر، وبفم خادمه موسى أعلن خلاصه.
نظرة واحدة إلى الحية النحاسية، كانت كافية لشفاء اللدغة وخلاص الإسرائيلي من الموت. كان الخلاص خارجًا عن دائرة الإنسان. كان الخلاص خلاص الله، ولم يكن الإنسان مستحقًا له، ولما لم يستطع الحصول عليه بأعمال يعملها، كان عليه فقط أن يصدّق الله ويؤمن بخلاصه. وكل ما كان يستطيع الإسرائيلي المُحتضر أن يعمله، هو أن يرفع عينيه إلى الحية المرفوعة، وكان هذا هو كل ما يطلبه الله منه، لأنه قال لموسى: «اصنع له حية مُحرقة وضعها على راية، فكل مَن لُدغ ونظر إليها يحيا» ( عد 21: 8 ). وهذه هي الحال على الدوام. ما على الإنسان إلا أن يأتي بالإيمان إلى الله الذي أساء إليه، وهو ـ تبارك اسمه ـ تفيض من قلبه نعمة لا تنتهي، مستعدة على الدوام أن تنسكب في قلب كل مَنْ يعترف بخطاياه ويتحول عن المصادر البشرية، ويثق في الله وحده.