الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 31 أكتوبر 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الأرملة الصارخة
وصرخت إلى أليشع امرأة من نساء بني الأنبياء قائلة: إن عبدك زوجي قد مات ... فأتى الـمُرابي ليأخذ ولديَّ له عبدين ( 2مل 4: 1 )
ربما لا يوجد ظرف صعب، من الممكن أن يجيز الله النفس فيه، قدر الشعور بالذل والاحتياج وضياع كل المساند البشرية في وقت تزداد فيه الحاجة إليها. لكن هذا يدفع النفس المُتعبة إلى الاتكال عليه هو، ذاك الذي يظل الثابت والأمين برغم اهتزاز وتذبذب كل المصادر الكثيرة غير الثابتة والمتغيرة. وما أحلى اختبار النعمة هذا الذي تختبر النفس في نهايته الاتكال على الله الذي ينجي من الموت، بل أيضًا الله الذي له في الموت مخارج.

«وصرخت ... امرأة» (ع1). وكأن هذه المرأة لم تفعل شيئًا في حياتها إلا أنها صرخت، وكأنه أمام صراخها هذا يتوقف الزمن، بل يتوقف قلم الروح القدس ليسجل صراخها هذا. أَوَليس هذا هو قلب الله الذي يجتذبه جدًا الصراخ. إنه يسمع أنين الأسير، أ فلا يسمع صراخ الصديق!!

ومن العجيب أن الروح القدس لا يسجل عن هذه المرأة شيئًا، فمَن هي؟ ما هو حالها؟ واسمها؟ ما اسم زوجها؟ ولكنه قبل أي شيء يسجل أنها صرخت. نعم إنه قلب الله المُحب الذي يضغط دائمًا ليسمع صوت الصديق صارخًا إليه.

ولكن ما أروع هذا! فهي امرأة من نساء بني الأنبياء. ولقد كان بنو الأنبياء كثيرين وهكذا نساؤهم، ولكن من وسطهم تخرج امرأة واحدة يخصها الروح القدس بالحديث. لماذا؟ لأنها صرخت، شاعرة بضعفها وحاجتها. وبالرغم من ضياع زوجها، وهو المصدر البشري، إلا أن الأمل في حل المشكلة كان موجودًا بوجود أليشع. وبالرغم من أنها اتخذت من تقوى زوجها حُجة لتحرك قلب أليشع لمساعدتها، إلا أن قلب أليشع كان مستعدًا أن يعطي ليس حسب ما تطلب أو تفتكر، حتى إذا كان فكرها هذا ينادي بأحقيتها لأنها كانت مرتبطة برجل تقي.

ولقد استخدمت هذه المرأة عبارة «أنت تعلم»، وما أجمل أن نتحدث مع الرب بلغة «أنت تعلم»، بل ما أعظم أن نشعر بأنه يعرف كل شيء، ويرى كل شيء، ويَزن كل شيء. لقد أقرّت بأن أقرب مَنْ لها قد ذهب عنها، وعدوها قام عليها ليأخذ أغلى ما عندها. أ ليست هذه هي حالتنا عندما يتركنا أعز مَنْ لنا وفي الوقت ذاته يقوم ضدنا أعداؤنا. ولكن لنثق أن هناك مخرجًا، ولكننا نحتاج، ليس أن نفعل أشياء كثيرة، بل أن نفعل شيئًا واحدًا ألا وهو الصراخ.

إسحق شحاتة
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net