الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 24 فبراير 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
رجل الأحزان
ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوتٍ عظيم قائلاً: إيلي، إيلي، لِما شبقتني؟ أي: إلهي إلهي، لماذا تركتني؟ ( مت 27: 46 )
لقد وقف وحده، نعم وقف وحيدًا إنسان الله، ابن الله المحبوب. هو رب الملائكة، لكنه الآن لا تحيط به وحدات ملائكية! هو ملك الملوك ورب الأرباب، إلا أنه تكلل بالأشواك وألبسوه ثوب الأرجوان إمعانًا في السخرية.

وكان العالم قاطبة ضد ابن الله، ما من صوت واحد يقطع صَخَب الجمهور الحاقد الذي «أبغضه بلا سبب».

وكان إبليس هناك، فهو الذي دفع يهوذا لأن يُسلِّم سيده. وهو الذي انفرد ببطرس فأوهنه حتى أنكره. وهو الذي ملأ بخوف الموت قلوب تابعي المسيح، وهو الذي بأنامله الحاذقة الماكرة تلاعب بعواطف الجماهير الحاشدة حتى اشتدت أوتار غضبهم الحبيس فدَوَت مُرعبة صاخبة حول الصليب. وكان يوم ذاك عيدًا لجهنم!

وكان هناك ملائكة الله، شهود صامتون على رعب الجلجثة وعارها. لقد صدحت موسيقى تسبيحاتهم عند مولد يسوع، لكنهم الآن يشهدون موته في صمت أسيف.

وحينما كانت المسامير تُسمر المخلص على الصليب، وهي التي يبدو أنها اخترقت قلب الكون، وحينما كانت السماء والأرض والهاوية تشهد لجلال هذه اللحظة الخطيرة! كان الله نفسه عند الجلجثة، ولو في خفاء تلك الظلمة العنيفة التي التفَّت بها الأرض ثلاث ساعات طويلة. ذلك أن ابنه الوحيد كان يقدم نفسه فدية للخاطئ في خطاياه وعجزه، فارتضاه الله كحامل الخطية. وكان لا بد أن تنسكب على تلك الرأس المنزهة أعنف الدينونات من إله قدوس. إذ ما من شيء يستطيع أن يخفض من مطاليب البر «كل تياراتك ولُججك طَمَت عليَّ» ( مز 42: 7 )، «الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة» ( 1بط 2: 22 ).

«هوذا الإنسان»! هوذا يجتاز أبواب الحزن من مساكن الأوجاع! هوذا في كامل التسليم لمشيئة الله «كشاةٍ تُساق إلى الذبح»! هوذا عيناه ”ينابيع دموع“! هوذا تكتنفه «حبال الموت»! وتحوق به «حبال الهاوية»! هوذا هو ”مجروح في بيت أحبائه“! هوذا ”العار قد كسر قلبه“! هوذا قد صار «أغاني شرابي المُسكر»!

إن مناظر هذه الآلام الجليلة لتمر أمام عيوننا، سرًا في أثر سر! لقد حمل وحده أحزاننا! إنها حقيقة خطيرة تغمر روحي، فكما أن محبته غير المحدودة لا حد لها، كذلك لا حدود لأحزان نفسه البارة.

ريفورد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net