الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 26 إبريل 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مريم الساجدة
أخذت مريم مَنًا من طيب ناردينٍ خالصٍ كثير الثمن، ودهنت قدمي يسوع، ومسحت قدميه بشعرها، فامتلأ البيت من رائحة الطيب ( يو 12: 3 )
إن المشهد الذي يسبق خيانة الرب يسوع عندما دهنته مريم التي من بيت عنيا بالطيب ( مت 26: 6 - 13؛ مر14: 1- 9؛ يو12: 1- 8)، هو بمثابة شرح لمعنى السجود. والساجد هنا امرأة تمثل لها أطيابها وعطورها قيمة عالية ولا تستخدمها سوى باقتصاد شديد في مناسبات خاصة جدًا، ولكنها كسرت القارورة الثمينة الرقيقة المرمرية ـ وهي غالية جدًا في حد ذاتها ـ وفي انجراف غير ذي تحفظ سكبت بدون حساب كل محتوياتها الثمينة على جسد المخلِّص.

كان الحاضرون يعلمون أن ما سكبته من عطر يوازي أجر عام كامل، وفيه نرى سجودًا نتج من تكريس كل يوم، وكل ساعة، وكل دقيقة للرب. كيف جمعت هذه المرأة مثل هذا المبلغ؟ ومنذ متى وهي تدخر لتشتري هذا الكنز؟ وكم مضى من الوقت وهي تحتفظ به بين كنوزها الخاصة؟ هل اشترته خصيصًا لهذا الغرض؟ إننا لا نعلم، بالطبع، لكننا نعلم أنها بمُطلق حريتها سكبت بدون حساب على الشخص الذي كان غرض كل مهابتها وعواطفها. أما يهوذا الميت روحيًا والأحد عشر رسولاً منعدمي الحس الروحي فقد انتقدوا فعلها بقسوة واعتبروه إهدارًا، كان من الأفضل استخدام قيمته الكبيرة لمساعدة الفقراء. إلا أن الرب يسوع قدّر هذا العمل ربما أكثر من أية إيماءة تقدير أو توقير قُدمت له أثناء وجوده على الأرض، فهذا العمل تطلع إلى دفن المسيح، والذي كان جزءًا لا يتجزأ من مهمته الأخيرة على الأرض. وهذا قد يشير إشارة قوية إلى أن مريم التي «جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه» ( لو 10: 39 ) قد اكتسبت فهمًا أعمق للمسيح ولعمله يزيد عن أي من المئات من تلاميذه بل من الرسل أنفسهم. لقد مكّنها الانشغال المركَّز بسيدها وبكلماته من أن تقدم سجودًا أثلج صدره، حتى وإن أساء فهمها مَن علاقته بالرب أقل عمقًا.

وقد وضع الرب أيضًا هذه النوعية من السجود موضعًا يفوق الخدمات الأخرى. لقد أمرنا الرب في موضع آخر أن نهتم بالفقراء، إلا أن الفرق كبير بين مجرد العمل الخيري الإنساني البسيط وخدمة الرب، هو عندما تنبع الأفعال من سجود روحي حقيقي يكون هو أساسها ( يو 4: 23 ، 24). هناك مَن يساعد الناس، لكن هناك آخر يكرم الرب كالأولوية الأولى، ثم يساعد الناس.

بيل فان. رن
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net