الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 8 يونيو 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
شدة آلامه وقسوتها
بعد هذا رآى يسوع أن كل شيء قد كَمَل، فلكي يتم الكتاب قال: أنا عطشان ( يو 19: 28 )
لَكَم تحمل الرب يسوع فوق الصليب من آلام! فهو لمَّا وصل إلى الجلجثة كان في إعياء وإجهاد شديدين بسبب أحداث الليلة الماضية، إذ كان قد تحدَّث مع تلاميذه حديث الوداع الطويل والذي شغل نحو خمسة أصحاحات كاملة من إنجيل يوحنا، وبعده مضى إلى بستان جثسيماني حيث كان في جهاد، وكان عرقه يتساقط كقطرات الدم إلى الأرض؛ ومن هناك قُبِضَ عليه، وسيق للمحاكمات المتتالية: ست محاكمات. ثم الجَلدْ الرهيب القاسي، ثم حمل الصليب الثقيل، والخروج به إلى خارج أورشليم حيث تمت عملية الصلب القاسية الوحشية. ولما صُلب قضى فوق الصليب ست ساعات وكان من وقع مُعاناته ما عبَّر عنه في المزمور «يبست مثل شقفة قوتي، ولصق لساني بحنكي» ( مز 22: 15 ).

ومع اعتقادنا بأن الآلام الكفارية هي جوهر الصليب، وأن ما احتمله المسيح من يد العدل عندما جُعِل خطيةً كان أقسى بكثير جدًا مما احتمله من يد البشر، فلئلا يجنح الفكر البشري إلى التطرف الآخر فيستصغر آلام المسيح الجسدية، بل قد وصل الأمر ببعضهم أن يتوهموا أن المسيح لم يشعر بتلك الآلام، فإن ذلك النطق الخامس للمسيح من فوق الصليب يبعد عنا هذا التصور غير الصحيح.

وليس فقط بسبب شدة الآلام الجسدية وما عاناه جسد المسيح القدوس من آلام كان إحساسه بالعطش، بل أيضًا من تأثير تعبه النفسي. يقول سليمان الحكيم «الروح المنسحقة تجفف العظم» ( أم 17: 22 )، ويقول داود في المزمور32: 4 «تحولت رطوبتي إلى يبوسة القيظ»، فهذه الصرخة إذًا، تعبِّر أيضًا عن عمق آلام روح المسيح في داخله.

بل إننا نتجاسر ونقول إن ثمة علاقة بين هذا النطق وآلام المسيح الكفارية. فنحن نلاحظ أن كلاً من متى ومرقس ربط بين شرب المسيح الخل قبل موته، وصرخته الرهيبة «إلهي إلهي، لماذا تركتني؟»، وكيف ظن الواقفون أنه ينادي إيليا ليخلصه. لكن الحقيقة أنه لم يكن ينتظر خلاص إيليا، بل هو مَن كان إيليا ينتظر خلاصه. إنه هو مَن كان يرمز إليه الثور الثاني في 1ملوك18: 30- 38 الذي سقطت عليه نار الرب وأكلته مع الحطب والحجارة والتراب، ولحست كل المياه. ولهذا فقد قال هنا «أنا عطشان»!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net