الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 21 يوليو 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
القلب المكتفي
ليس أني أقول من جهة احتياج، فإني قد تعلمت أن أكون مكتفيًا بما أنا فيه ... أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني ( في 4: 11 ، 13)
ما أجمل أن نرى كيف استخدم بولس الكياسة والرهافة في معرض معالجته لموضوع المال. فهو لا يريد للفيلبيين أن يظنوا أنه يتذمر من أي عَوز مادي لديه. لكنه، ينبغي أن ينقل إليهم أنه مستقل إلى حد كبير عن الظروف الدنيوية المُحيطة به. فهو تعلم أن يكون مكتفيًا، وذلك بمعزل عن حالته الاقتصادية. والاكتفاء هو حقًا أعظم من الغنى، إذ إنه وإن لم يُنتج الاكتفاء غنى، فهو يحقق الهدف عينه، إذ يُبطل السعي وراء الغنى. وإنه لسر مبارك متى تعلم المؤمن أن يحمل رأسًا عاليًا مع معدة خاوية، ونظرة عمودية منتصبة مع جيب فارغ، وقلبًا فَرِحًا سعيدًا مع راتب غير مدفوع، والابتهاج بالله عندما يكون الناس بلا أمانة.

لقد عرف بولس أن يتضع، أي أن يُحرم ضروريات الحياة، كما عرف أيضًا أن يستفضل، أي أن يُعطى في وقت من الأوقات أكثر من حاجته الآنيَّة. ففي كل شيء، وفي جميع الأشياء، قد تدرب أن يشبع وأن يجوع، وأن يستفضل وأن ينقص (ع12). وكأن لسان حال بولس ”إن جعت فإن الله يحفظني من التذمر والانطراح وعدم الاكتفاء، وإذا استفضلت فإن الله يحفظني من الكسل واللامبالاة والاكتفاء بالذات“. وكيف تعلم الرسول هذا الدرس؟ كان واثقًا بأنه ضمن إطار إرادة الله. كان يعلم أنه حيثما حلّ، أو في أية ظروف وَجد نفسه، فهو هناك بسماح من الله. إذا جاع، إنَّ ذلك حصل لأن الله يريد له أن يجوع، أو إذا شبع، فلأن ربه قد رتَّب هذا الأمر. كان لسان حاله دائمًا: «نعم أيها الآب، لأن هكذا صارت المسرة أمامك» ( مت 11: 26 ).

ثم يضيف الرسول العبارة التي باتت أُحجية لكثيرين: «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني» (ع13). هل كان يعني ذلك حرفيًا؟ الجواب هو: إن الرسول بقوله إنه يستطيع كل شيء، كان يعني بذلك كل شيء ضمن إرادة الله له. لقد تعلَّم أن الرب الذي يوصي، هو نفسه الذي يخوِّلنا القيام بما يوصينا به. كذلك عرف أن الله لن يدعوه يومًا إلى تتميم أية مهمة قبل منحه ما يلزم من نعمة. وهذه العبارة «كل شيء» لا تشير على الأرجح، إلى أعمال عظيمة لا تخلو من المغامرة، على قدر ما تشير إلى ضروب عظيمة من مُكابدة الحرمان والجوع.

وليم ماكدونالد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net