فأجاب رئيس الكهنة وقال له: أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا: هل أنت المسيح ابن الله؟ قال له يسوع: أنت قلت! ( مت 26: 63 ، 64)
إن أول رجل في التاريخ، حاول أن يُبرر نفسه أمام الديان العليم بكل شيء، أما الإنسان الثاني البريء، فلم يبرر نفسه أمام قاضي ظالم من البشر. لقد سكت. ونقرأ عن سكوته في الأناجيل سبع مرات:
ما أعظمك يا ربنا المعبود! يا مَنْ قيل عنك: «الذي إذ شُتِم لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يهدد، بل كان يسلِّم لمَن يقضي بعدلٍ» ( 1بط 2: 23 ).
ثم يفقد رئيس الكهنة أعصابه، فيلجأ إلى إجراء حاسم، هو القَسَم، لإجبار هذا الصامت المهيب الواقف أمامه على الكلام. «فأجاب رئيس الكهنة وقال له: أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا: هل أنت المسيح ابن الله؟» ( مت 26: 63 ). لقد أتى الله بتلك اللحظة لكي يستعلن الدوافع الحقيقية في قلب الإنسان لرفض ابن الله. لأن إدانة الرب يسوع لم تُبن على شهادات من شهود الزور، كلا، فإن اتهامًا واحدًا من جانب الإنسان لم يكن سببًا في هذه الإدانة، لكنها كانت بسبب شهادة الحق التي نطق بها ذلك الذي هو «الحق» ( يو 1: 17 ( لا 5: 1 ( مر 14: 62 ). فإذ قد استُحلف لم يكن ممكنًا أن يظل صامتًا وإلا كان ذلك مُخالفًا للشريعة. فعبارة «أستحلفك بالله» حين يلقيها القاضي فهي تُلزم المُستحلف أن يؤدي الشهادة ( مت 26: 64 ). فما أعظم شخصه وهو يقف في وسط كل هذا الخبث والكذب! في سكوته كان هو الإنسان الخاضع، وفي كلامه كان هو «الشاهد الأمين الصادق». وقد أجاب يسوع قائلاً: «أنا هو» ( في 2: 8 ) و«قال له يسوع: أنت قلت!» (مت26: 64). وهكذا نطق بشهادته التي بسببها أُدين كمُذنب .. إنه الخاضع لناموس الله والمُسلِّم لمشيئة الله الكاملة «وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب» (في2: 8).