الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 27 سبتمبر 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أصحاب السَبْقِ
فجمع (هيرودس) كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب، وسألهم: أين يولد المسيح؟ فقالوا له: في بيت لحم اليهودية ( مت 2: 4 ، 5)
كان رؤساء الكهنة والكتبة، بحكم مراكزهم، يتظاهرون بأنهم ينتظرون المسيا، وبحكم علمهم يقرّون بأنه المدبِّر راعي إسرائيل، فماذا فعلوا لما سمعوا بأمر ولادته؟ لقد كان المولود على بُعد أقل من عشرة كيلو مترات، فهل ذهبوا؟! لقد كان عندهم العلم الكافي للتفاخر، فعرفوا أين وُلد، ولقد كان الرد حاضرًا فأعطوه سريعًا وبدقة مُدعمًا بالشواهد ولم يحتاجوا للبحث. لكن لم يكن لهم البتة التقوى التي تنتظر الرب والتي تنشئ الرغبة الصادقة في إكرامه. فما الذي فعلته لهم هذه المعرفة الدقيقة بالنبوات؟! لقد تحولت لأداة في يد عدو المسيح!! بل هم تحولوا، بعد ذلك، إلى ألدّ أعداء المسيح!!

وهكذا تتوالى الأحداث، فنجد أنه في الوقت الذي بقيَ العلم المجرَّد في أورشليم، وصل المجوس إلى المسيح. ويا للتباين! .. إن ما يُحسب وينفع ويبقى هو أشواق القلب لا استعراض المعلومات. والعيب بكل تأكيد ليس في المعرفة الكتابية مطلقًا، بل في عدم اقترانها بالمحبة العملية للسيد والتقدير المتزايد له والتكريس الحقيقي لشخصه.

«حينئذٍ دعا هيرودس المجوس سرًا .... ثم أرسلهم إلى بيت لحم وقال: اذهبوا وافحصوا بالتدقيق عن الصبي ومتى وجدتموه فاخبروني، لكي آتي أنا أيضًا وأسجد له» ( مت 2: 7 ، 8).

ها قد تبلورت الصورة، وإذ بنا نرى الموقف من المسيح وقد أصبح هكذا: هيرودس، بمخططاته الشريرة، يسعى لقتله .. واليهود، بمعرفتهم الخالية من التقوى، يتجاهلونه .. بينما المجوس، رغم كل ما مرَّ بهم، يواصلون سعيهم الدؤوب للسجود له .. أوَلَيس هذا الحال اليوم: فهناك مَن يناصبه العداء، ومَنْ هم محسوبون عليه أنهم شعبه لكنهم يضنّون عليه بالإكرام. وما أعذب أن نرى مَنْ يُسرون بأن يكرموه وسط هذا المشهد.

ثم اسمع هذا الأفّاك ماذا يقول: «آتي أنا أيضًا وأسجد له» .. آه يا هيرودس ستجثو له قَسرًا، أنت يا صاحب الأيدي الملوثة بدماء أطفال بيت لحم وغيرهم. وسيجثوا معك رؤساء الكتبة والكهنة معترفين بذلك الكريم ربًا لمجد الله. ويا لبؤس حالكم ذلك اليوم! أما أولئك الذين قدموا له السجود، حبًا وتقديرًا، فيا لغبطتهم يومئذٍ! ويا سعد كل مَنْ يقتدي بهم اليوم!

عصام خليل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net