الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 8 يناير 2009 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مَنَسى وأفرايم
ودعا يوسف اسم البكر مَنَسى قائلاً: لأن الله أنساني كل تعبي وكل بيت أبي. ودعا اسم الثاني أفرايم قائلاً: لأن الله جعلني مُثمرًا في أرض مذلتي ( تك 41: 51 ، 52)
لنا في اسمي ابني يوسف اللذين وُلدا في أرض منفاه، لذة كُبرى ومعنىً سام. فإن رجل الله التقي سمَّى ولديه أسماء تشهد على انفصاله عن بيت أبيه، وتُذكِّره بأن ترْكه وسط المِحن والبلايا، ووقوعه في التجارب المتنوعة أهَّله لكي يُثمر لله وسط هذه المشاهد المؤلمة. فمعنى اسم مَنَسى ”نسيان“، ومعنى اسم أفرايم ”مُثمر“، وهذه المعاني تكشف غرض الله وفكره في الزمان الحاضر. ومتى قبل القلب بالإيمان معنى هذين الاسمين، أثمر لله. ولا يستطيع أحد أن يقول إني نسيت بيت أبي، قبل أن يجد قلبه أولاً كنزًا مُنيرًا بهيًا؛ كنزًا سماويًا شبع به فنسى كل شيء، نسيَ الأمجاد الطبيعية وغضّ الطرف عن كل فخر وكبرياء وخيلاء في الطبيعة، نسيَ جنسه ونَسَبه، ولم تَعُد أمامه أية صلة من الصِلات التي تربطه ببيت أبيه.

ولكن أنّى لنا ذلك إلا إذا شبع القلب بالمسيح في المجد فانجذب إليه وجرى وراءه، والمسيح وحده في استطاعته متى ملأ قلوبنا أن يقودنا إلى حسبان كل شيء خسارة ونفاية من أجل فضل معرفته. وما أغبط النفس عندما تسير في العالم ولها اليقين الراسخ في قلبها أنها تَعبُر عالمًا هي غريبة عنه ولا صِلة لها به، وقد امتلكها المسيح في المجد. فنحن في العالم أوانِ يحل المسيح فيها ثم نأخذ في إظهاره، وعندئذٍ ننسى أتعابنا وأحزاننا، ننسى بيت أبينا ويحلو لنا النسيان، ننسى كل شيء ونسعى نحو المسيح في المجد ( في 3: 13 ). فيا ليتنا ونحن نجتاز أرض الغربة، نستطيع أن ننقش اسم ”مَنَسى“ على كل شيء تحت الشمس.

ولكن وُلد ابن آخر ليوسف في هذا الوقت نفسه، دعاه أفرايم أو ”مُثمرًا“، وهذا يبين لنا شهادة أخرى دعانا الرب إليها لنقوم بها له في وسط مشهد يُظهر عداءه لله، تركنا في عالم لا شركة لنا معه بالمرة، ولا عمل لنا فيه إلا أن نُثمر أثمارًا للمسيح.

وما كان أحوج يوسف إلى الجُب والسجن لتنضج شهادته وتنمو! أ ليست تدريبات الجُب والسجن هي الحاصلة الآن مع قديسي الله؟ من أين لنا النسيان والثمر ما لم يعمل الموت فينا، وكلما نحمل في جسدنا إماتة يسوع ونُسلَّم للموت من أجله، كلما تظهر حياته فينا. أي ثمر يفوق هذا!

و.ت. تربن
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net