الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 23 ديسمبر 2009 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الحمامة وغصن الزيتون
.. وعَادَ فأرسلَ الحمامة من الفُلك، فأتتْ إليه الحمامة عند المساء، وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها .. ( تك 8: 10 ، 11)
عندما أرسل نوح الحمامة في المرة الثانية نجدها وقد عادت في المساء، وفي فمها ورقة زيتون! لا شك أن الحمامة استمتعت طوال ذلك اليوم بالانتقال من شجرة إلى أخرى، وبالتقاط ما يناسبها من الطعام. وها النهار قد أوشك على الانتهاء، فإذا بها تقصد العودة إلى الفُلك، وفي فمها ورقة الزيتون!

ونحن لا نعرف يقينًا ما الذي دعا الحمامة أن تفعل ذلك. غير أنه ربما قصدت أن تأخذ معها ما يُبرهن لصاحبها؛ أعني نوح، أن المياه قد انحسرت، مُفسحة المجال لظهور أرض جديدة، مورقة ومُزهرة، مليئة بالثمار والخيرات! وها هي راجعة وفي فمها الصغير ما يعبِّر عن هذا الخبر المُفرح والمُبهج.

وعلى مرّ التاريخ، نجد إجماعًا على أن غصن الزيتون يُعبِّر عن السلام! إن رجوع الحمامة إلى نوح وفي فمها ورقة الزيتون، إعلان واضح عن انتهاء الغضب والدينونة، وولادة أرض جديدة مُطهَّرة، إعلان عن إشراق عهد جديد ملؤه السلام والخير والبركة.

وما أروع أن ترتبط حياتنا بغصن الزيتون ـ أي برسالة سلام نُعلنها لكل مَنْ حولنا، مُتممين قول الرسول: «إذًا نسعى كسفراء عن المسيح، كأنَّ الله يعظُ بنا. نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله» ( 2كو 5: 20 ). وبذلك نتشبَّه بمَن قال عنهم إشعياء: «ما أجمل على الجبال قدمي المبشر، المُخبِر بالسلام، المُبشِّر بالخير، المُخبِر بالخلاص» ( إش 52: 7 ).

غير أننا نجد في الحمامة هنا رمزًا جميلاً للروح القدس، والذي لم يأخذ مجاله إلا بعد أن فعلت الدينونة فعلها وأتمت دورها. فعندما خرجت الحمامة في المرة الأولى كانت مياه الدينونة ما زالت طامية غامرة كل شيء، لذلك عادت مرة أخرى للفُلك، أما في المرة الثانية فإنها وجدت أن المياه قد قَلّت مُعلنة عن انتهاء الدينونة، وها هي عائدة لنوح وفي فمها ورقة زيتون، أما في المرة الثالثة وقد انحسرت المياه تمامًا، فقد خرجت إلى الأرض المُطهَّرة واستقرت فيها.

وهكذا لم يستقر الروح القدس على الأرض مكونًا الكنيسة سوى بعد انتهاء الدينونة التي استُعلنت في الصليب، والتي انصبت على رأس الرب يسوع تبارك اسمه، والذي نسمعه يقول بعد أن تحملها كاملةً: «قد أُكمل». نعم، لقد استوعب كل الدينونة، ولذلك حظينا بهذا المعزي الإلهي؛ الروح القدس، ليمكث معنا إلى الأبد ( يو 14: 16 ).

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net