نشكر الله .. ذاكرين إياكم في صلواتنا. مُتذكرين بلا انقطاع عمل إيمانكم، وتعب محبتكم، وصبر رجائكم، ربنا يسوع المسيح، أمام الله وأبينا ( 1تس 1: 2 ، 3)
لما طلب يعقوب زوجة في فدان أرام، اتجهت محبة قلبه إلى راحيل ابنة خاله لابان. وحسب عادة البلاد ظل يعقوب يخدم أباها سبع سنين كي يأخذ تلك الصبية الجميلة زوجةً له. والكتاب في هذا يقول: «فخَدَمَ يعقوب براحيل سبع سنين، وكانت في عينيه كأيام قليلة بسبب محبته لها» ( تك 29: 20 ).
ولا شك أن سبع سنين انتظار لهيَ فترة طويلة جدًا في نظر معظمنا، ولا بد أنها كانت كذلك بالنسبة إلى ذلك المُحب الذي كان يرعى خراف لابان. ونحن نعلم أنه في حادثة يعقوب قد تأخر رجاؤه، وكان لا بد له من أن يخدم سبع سنين أخرى مقابل أخذه راحيل زوجةً له.
هكذا كانت قوة وحرارة وثبات عواطف يعقوب من نحو راحيل، حتى أن سنوات الأمل الطويلة جدًا، المليئة بالكدّ في أرض غريبة، كانت في عينيه كأيام قليلة جدًا. إن حرارة محبته المضطرمة تخطَت تلك السنوات العارضة، وكانت تغذيها وتزكيها الأفراح الزوجية في اليوم العتيد المُنتظر. لقد ارتبط قلبه بمَن أحب، والسعادة التي كان يتوقعها حفظته من جفاف العواطف والتأذي من تباطؤ مرور الساعات.
وإنه لأمر مُحقق أنه طالما استقرت أعين قديسي الله على ربهم وسيدهم الآتي، لن تفتر عواطفهم. نحن نُظهر أن «صبر رجائنا، ربنا يسوع المسيح»، مُتشبهين بالخمس العذارى الحكيمات اللواتي خرجن لمُلاقاة العريس. وما أسرع مرور الزمن عندما تصبر النفس!
لنتذكر أن صبر رجائنا يحوِّل سني انتظار المسيح ربنا إلى لحظات قصيرة جدًا إذ تملأ محبة الرب يسوع القلب في كل لحظة، مُولدّة فيه شوقًا حارًا وليس مُحرِّقًا، متواصلاً وليس مُملاً، إلى الوجود في محضره المبارك إلى الأبد، ونحن على يقين تام بأن حبيبنا لن يُبطئ قدومه. ولقد قرن الرسول بولس محبة الله بصبر المسيح، فهو يكتب إلى التسالونيكيين الذين كان قد عرَّفهم بمجيء الرب تعريفًا تامًا قائلاً: «والرب يهدي قلوبكم إلى محبة الله، وإلى صبر المسيح (أي إلى انتظار المسيح بصبر)» ( 2تس 3: 5 ).
إن محبة الله التي انسكبت في قلوبنا بالروح القدس تركز وتجمع عواطفنا في شخص ربنا. فمحبتنا جواب مباشر لمحبته هو له المجد. وكلما نَمَت محبتنا، وكلما تعمقت واتسعت، كلما توقعنا بلهف شديد أفراح تلك اللحظة التي فيها نُختطف إلى محضر حبيبنا الذي نتوق إليه. فالمحبة هي المفتاح إلى «صبر الرجاء».