الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 23 فبراير 2009 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
وحِّد قلبي لخوف اسمك
علمني يا رب طريقك. أسلك في حقك. وحِّد قلبي لخوف اسمك ( مز 86: 11 )
يعترف المرنم في هذا القول بحاجته ليس فقط إلى التعليم من جهة الطريق التي هي وحدها طريق الرب، بل كذلك إلى خلاصه من حالة الضعف التي تقود إلى الانحراف، فيقول: «وحِّد قلبي لخوف اسمك». وهذا في الواقع هو ما ينقص شعب الله. فما أكثر ما نصرفه من حياتنا، ليس في عمل الشر بصورة إيجابية، بل في مجموعة من المشغوليات الكثيرة الضائعة التي تُفسد علينا إيجابية الشهادة لله! وما أقل الذين يقدرون أن يتفقوا مع الرسول في قوله «لكني أفعل شيئًا واحدًا». ولو أننا فحصنا حياتنا بدقة، إذًا لوقعت أعيننا على كثير من المشاغل التي لا نهاية لها. واجبات وهمية نحسبها جدية، تسليات نقول إنها بريئة، ومن شأنها جميعًا أن تنحرف بنا عن المهمة الوحيدة المُثمرة المُنتجة. ولكن ما أقل الذين يرتضون أن يواجهوا امتحانًا وفحصًا من هذا النوع لتاريخ حياتهم اليومي غير المكتوب! وما أحوجنا إذًا إلى الدرس الذي علمنا إياه الرب عن ثبات الأغصان في الكرمة! ( يو 15: 4 ).

نحن نعلم أن الغاية كلها من الكرمة هي الثمر، وهو المبدأ المسيطر على تصرفات الكرَّام وطرقه معها. إنه ينقيها بلا شفقة رغبةً في أن تُثمر، ولكننا إذ نراه يفعل ذلك نحسبه يقضي عليها ويحطمها. ونتساءل: ما الضرر من بقاء قطعة الأخشاب هذه أو مجموعة الأوراق تلك التي يستأصلها؟ في ذاتها لا ضير فيها، ولكن فيما يتعلق بمحصول الكرمة من الثمر، بقاؤها ضار جدًا. ذلك أن الطفيليات الخارجية لا تصيبها بأذى، قدر الذي تُصاب به من جراء بقاء تلك الأوراق المتزايدة والفروع العقيمة، لأنها تمتص العصير الثمين وهو روح الثمر. فإذا ما استبقاها الكرَّام لا يقل الثمر فقط، بل كل العصير يتلف. هكذا الحال مع كثير من الأمور التي نتساهل فيها، والتي من شأنها أن تبعثر النشاط الذي كان يجب أن يولِّد الثمر لله. نعم، فإن ”الشيء الواحد“ هو الذي يميز الإنسان بوصفه للمسيح، ويمجد المسيح فيه. هذا معناه أن كل لحظة في الحياة ضرورية ولا بد منها للنمو، معناه تخلُّص الحياة من الرسميات والسطحيات وجعل المسيح سيدًا لا مجرد مُشير. فما أحلى القول إذًا: «وحِّد قلبي لخوف اسمك».

ف.و. جرانت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net