الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 22 مارس 2009 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
توحُّد مع البائسين!!
وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الأردن ( مر 1: 9 )
يبدأ إنجيل مرقس بداية ما أروعها؛ لقد بدأ بالخبر السار أن يسوع قد جاء، ولم يَفتُه أن يشير، باختصار في عبارات قصيرة، إلى مَن هو يسوع. فهو ابن الله، وهو المكتوب عنه في الأنبياء، وهو الرب يهوه، وهو الذي يرسل الله أمامه رسولاً يهيئ الطريق قدامه، وهو الذي يشهد عنه يوحنا بأنه أعظم وأقوى منه للدرجة التي معها يرى يوحنا أنه ليس أهلاً أن ينحني ويحل سيور حذائه، على الرغم من كون يوحنا هذا، بشهادة الرب نفسه، هو الذي لم يولد نبي من النساء أعظم منه!! لكن العجيب والمُثير هو: من أين جاء ـ وهو بكل هذه العظمة والبهاء؟ وكيف جاء؟

يقول: «وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل»!! لا يقول عنه إنه جاء من السماء، مع أنه بالطبع من السماء؛ لكن يا للجمال، ويا للمجد، لقد جاء من ناصرة الجليل!! من أحقر مكان!! فهو ليس من الجليل المحتقر فقط، بل ومن ناصرة الجليل؛ أي الأسوأ في الأحقر!! لقد كان نثنائيل من الجليل المحتقر، لكنه قال لفيلبس، عندما أبلغه بالخبر السار أن المسيا جاء من الناصرة: «أَ مِن الناصرة يمكن أن يكون شيءٌ صالح؟» ( يو 1: 46 ).

أحبائي: لو أن الرب يسوع جاء للعالم، وسكن في بيت جميل ونظيف في مدينة أورشليم، أو حتى في الجليل، وكان يخرج كل صباح ليتجول في الشوارع، يُشبع الجياع، ويشفي المرضى، ويُلقي العِظات، ثم يعود في المساء ليأخذ حمامًا ساخنًا، وينام في فراش وثير لسجدنا أمامه لسمو نُبله وكثرة محبته. لكنه لم يفعل هذا، بل دخل من أحقر مكان؛ مذود! وعاش في أحقر مدينة؛ الناصرة! ولم يكن يستمطر السماء لترسل له طعام وهو خالقها، بل عمل أبسط عمل، عمل في دكان نجار!! لقد جاء ليقول للناس: رأيت ذُلكم، وعرفت عاركم وبؤسكم، وأحببتكم! وها أنا جئت لأعيش ما تعيشونه، وأختبر الذُل الذي تختبرونه، وأتجرع الألم والاحتقار الذي تتجرعونه! دخلت عالمكم من أحقر باب، وأعيش فيه في أحقر مكان، وعندما يحل المساء أنام في العراء! لكي لا يقول واحد منكم أني لا أعرف ما يعانيه! كما إنني هنا بين الأفقر والأتعس، لكي لا أكون بعيد المنال عن البؤساء، بل في متناول الجميع!

إنه ببساطة توحُّد مع البائسين المكروهين.

ماهر صموئيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net