الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 8 مارس 2009 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
طين الحمأة
انتظارًا انتظرت الرب، فمال إليَّ وسمع صراخي، وأَصعدني من جُب الهلاك، من طين الحمأة ( مز 40: 1 ، 2)
هذا التعبير: «طين الحمأة» هو تشبيه بلاغي، يصور حالة الفساد والبُعد عن الله، ويذكِّرنا بتلك الحياة التي كنا نحياها قبل تعرفنا على ربنا يسوع المخلِّص والفادي. فكلمة «الحمأة» تقابل، بالتعبير الدارج، كلمة ”الوحَل“. ويُقال إن «الحمأة» هي عبارة عن الطين الأسود المتعفن. وهل نجد صورة أفضل من هذه، تكلمنا عما كنا عليه في خطايانا. فاللون الأسود يتكلم عن ظلام الجهل الذي كنا فيه، وعن عَمَى البُعد عن الله. والعَفَن يتكلم عن كل ما كانت تُصدره وتُنتجه طبيعتنا الفاسدة. وأفضل ما كان ينطبق على حالتنا وقتئذٍ هي كلمات مرثا لربنا المعبود، عن أخيها: «قد أنتن» ( يو 11: 39 ).

لكن يا للعجب! فإن ابن الله الحبيب جاء إلينا، مدفوعًا بمحبةٍ قوية كالموت ( نش 8: 6 )، ووصل إلى حيث أوصلتنا خطايانا. وكان عليه أن يغوص ـ تبارك اسمه ـ في هذه الحمأة العَفِنة، لكي ينتشلنا من وَحَل ذنوبنا، إذ قيلَ عنه: «والرب وضع عليه إثم جميعنا» ( إش 53: 6 ). فلقد عُلِق ربنا المعبود على صليب العار ليأخذ عقابنا ودينونتنا. ويصوِّر المرنم هول ما كان في ذلك الصليب قائلاً:

كل رموزِ العارِ في سوادهِ

نراها فوق رأسك تحققت

ألا تسمعه عزيزي صارخًا: «خلصني يا الله لأن المياه قد دخلت إلى نفسي. غرقت في حمأةٍ عميقة وليس مقر» ( مز 69: 1 ). كان هذا لأنه «حَمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة» ( 1بط 2: 24 ). فكم نحن مدينون لحَمَل الله الكريم، إذ بهذا العمل العظيم أصعدنا من طين الحمأة، وجعل في أفواهنا ترنيمة جديدة! فيا لعظمة، ويا لروعة محبة بلا حدود، أكبر وأوسع من كل التصورات! يلذ لنا أن ننشد عنها قائلين:

بحبِهِ يسوعُ قدْ أنقذَني من حمأةِ الذُنوبِ قد رفعَني
إذ كنتُ في الشرِ غريقًا هالِكًا بلا رجا ودَربي أمسى حَالكًا

يا ليتنا نتفاعل بصدق مع هذا الحب الكبير، فنُكرم ونقدِّر سيدنا الغالي، فنحيا لأجله حياة الأمانة، والتكريس الحقيقي.

عادل حبيب
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net