فلما رأى يسوع أُمه، والتلميذ الذي كان يحبه واقفًا، قال لأمه: يا امرأة، هوذا ابنك. ثم قال للتلميذ: هوذا أُمك. ( يو 19: 26 ، 27)
لاحظ أحدهم أن الرب يسوع من فوق جبل الموعظة وهو يُلقي موعظة الجبل الواردة في متى5- 7 أضفى أبعادًا عظيمة ومجيدة على كل وصايا الناموس تقريبًا، باستثناء الوصية الخامسة التي تقول: «أكرم أباك وأمك». لكن ما لم يَقُله الرب من فوق الجبل، قاله من فوق الصليب، لا بوصفه معلمًا قديرًا، بل مثالاً لا نرى له نظيرًا. إن سيدنا هنا بمثاله الرائع يضفي على تلك الوصية ما لم يكن ممكنًا أن تفعله أقوى العظات، ولو استغرقت ساعات.
«فلما رأى يسوع أُمه، والتلميذ الذي كان يحبه واقفًا، قال لأمه: يا امرأة، هوذا ابنك. ثم قال للتلميذ: هوذا أمك. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته» ( يو 19: 26 ، 27).
إن الرب لم ينسَ أن المطوبَّة مريم أمرأة وأنها أُم. وأية أُم ممكن أن تتحمل موت ابنها أمامها، ولا سيما إذا كان «كالتفاح بين شجر الوعر كذلك (هو) بين البنين»؟! لهذا يقول الوحي: «ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته».
كان الرجاءُ بكَ بُنيَ
وها الرجاءُ بِكَ انطفا
خوفي، فليسَ الآن ليْ
سندٌ ولا ابن اعرفهْ
فإذا بصوته فائضًا
بالحبِّ يعلو هاتفًا
يا امرأة هوذا ابنك
كيف أفوتك خائفة
عجبي على المصلوب ما
أنسته كربته الوفا
ربَّاه ما أحلى حَشَاكْ
وما أرقَّ وألطفَ
والآن دعني أقول لك أيها القارئ العزيز: إن القلب الذي أشفق وهو على الصليب، ما زال يُشفق على كل متألم ويرثي لكل مُجرَّب. إنه يحيط باهتمامه وعنايته كل خاصته الذين في العالم والذين أحبهم إلى المنتهى ( يو 13: 1 ). وهو إن كان قد اهتم بأُمه، فلا ننسَ أنه قال مرة «إن مَنْ يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي» ( مت 12: 50 ). فليتعزَّ المحزونون، وليتشجع المحتاجون لمَن يهتم ويرثي ( 1بط 5: 7 ؛ عب4: 15، 16)، وليتعلَّم المتوحدون حقًا أن يُلقوا كل رجائهم عليه هو، ذاك الذي له قال المرنم: