الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق  الجمعة 1 يناير 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
العام الجديد
إن لم يَسِر وجهك فلا تُصعِدنا من ههنا ( خر 33: 15 )
مضى العام وانقضى، بخير استقبلناه، وبخيرٍ ودعناه، فشكرًا لله على آلائه، وحمدًا على نعمائه .. قطعنا اثني عشر شهرًا كنا في غضونها نسير والأذرع الأبدية تحملنا، والعناية الإلهية تظللنا، وها نحن في ختامها نقول من أعماق القلب: «إلى هنا أعاننا الرب». ولّت تلك الأيام سِراعًا، رأينا فيها أمانة القدير تتجلى تباعًا، فكل ثانية تشهد على حراسته، وكل لحظة تُعلن لنا رعايته.

أَمَا سار وجهه أمامنا فأراحنا؟ أمَا سطع بريق مُحياه، فأنار لنا ظُلمات الحياة؟ أمَا أخرجنا من المآزق الحَرِجة إلى رَحبٍٍ لا حصر فيه؟ أمَا تغلغل معنا في مصائبنا، وجعل كل الأشياء تعمل معًا لخيرنا؟ أمَا حل مُعضلات وفك مشكلاتنا؟ أمَا كان لنا رفيقًا لا تنقطع عِشرته، ومُعينًا يقدم لنا بسخاء معونته؟ أَمَا صدّ هجمات الشيطان وأنقذنا من شِراكه وحَفِظَ أرجلنا من الوقوع في حبائله؟ أما حَالَ بيننا وبين سهام كثيرة كانت تُصوَّب نحونا ونحن لا ندري عنها شيئًا؟ ثم أَمَا خلَّصنا من أخطار عديدة واجهناها، ولولاه تعالى لجندلتنَا وكنا من صرعاها؟

لا مَراء أن العام المنصرم كتاب مسطور، نقرأ فيه بحروف من نور أعمال الله معنا، وتدبيراته الصالحة الأزلية لأجلنا، وفي الوقت عينه نذكر فيه تقصيراتنا ونقائصنا لعله في الذكرى فائدة وعِبرة.

على أن مجال الذكرى قد يرجع بنا إلى ظروف مُرّة سكبنا فيها دموعنا وتقرحَّت من هولها أجفاننا، فنتذكَّر أحباء كانوا قرّة لعيوننا ثم أصبحوا تحت أطباق الثرى أجسادًا هامدة نناديهم ولا مُجيب، نخاطبهم ولا سميع. لربما تمرّ على مخيلاتنا خسائر لحقت بنا فحطَّمت آمالنا، وأودت بالكثير مما بين أيدينا، وهناك خطر من أن أمثال هذه الأمور تعقد ألسنتنا عن الحمد، وتعطل قلوبنا عن الشكر، فنقف في بَدء هذا العام متألمين جامدين، عوضًا عن أن نكون مُبتهلين شاكرين. لذلك وَجَب علينا أن لا نستسلم لهذا التيار الجارف، بل لندرس هذه الوقائع في نور الوحي الإلهي وعندئذٍ يتضح لنا غرض الله من اجتيازنا فيها، أو نعلم على الأقل أن القدير سمح بها لتدريبنا ولتهذيبنا ولخيرنا، سواء أدركنا هذا الخير الآن أم بقيَ خافيًا عنا، وبهذا يتبدَّل الأنين بالهتاف، وتكون تلك الظروف داعية للشكر. وعلى هذا المنوال يمكننا بالشكر لله أن نستدر عزاءً وسلوانًا من مسراتنا المحطمة، وآمالنا التي كانت زاهية وانتكست. إذًا لا ننسى أن نتذكَّر الماضي شاكرين.

إسحاق لوزا
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net