الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 20 أكتوبر 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
بين حيٍ وميتٍ
إنسانٌ كان نازلاً من أورشليم إلى أريحا، فوقع بين لصوص، فعرّوه وجرَّحوه، ومضوا وتركوه بين حيٍ وميتٍ ( لو 10: 30 )
يا لها من صورة دقيقة لتاريخ الإنسان وحالته: «إنسانٌ كان نازلاً»، أ ليس صحيحًا؟ أ لم تكن حياتك أيها القارئ حياة النزول؟ هل خطوت خطوة واحدة في طريق الصعود أو في طريق الاستقامة من ذاتك؟ أ لم يكن طريقك طريق النزول؟ إذ انحدرت من طهارة الطفولة إلى حماقة الشباب، ومن حماقة الشباب، إلى تمام الشر في الرجولة، وها أنت الآن عارٍ من كل ما تستر به نفسك، مجروح في كل آدابك، وقد شعرت ببداءة عمل الموت المُريع فيك.

هذا هو تاريخ كل خاطئ، وتلك هي حالته؛ تاريخه في النزول وحالته في الموت. فماذا يقدر أن يعمل؟ هل يستطيع أن يحفظ الناموس؟ كلا، فإنه لا يقدر أن يُبدي حِراكًا. وهل يستطيع الكاهن أن يعمل له شيئًا؟ كلا، فليس بين يدي المسكين ذبيحة، ولا يقوى على النهوض ليُحضر ذبيحة. وهل يستطيع اللاوي أن يقدم له مساعدة؟ كلا، فإنه مُنجَّس بجراحه وقروحه، فلا يمكن للكاهن أو اللاوي أن يمسّـاه. وبالإجمال، فإن حالته حالة بؤس وخراب تام ـ حالة لا يستطيع أن يعالجها الناموس ولا الطقوس. بل قد طرحه الناموس كشيءٍ نجس محكوم عليه، لا يصلح لشيء، فلا جدوى من الكلام معه عن الناموس واتخاذه واسطة للتبرير أو قانونًا للحياة أو قوة للتقديس، لأن الناموس إنما لَعَنَه وحَكَمَ عليه ونبذه، وليس له إلا أن يصرخ من أعماق خرابه الأدبي قائلاً: «ويحي أنا الإنسان الشقي! مَن ينقذني من جسد هذا الموت؟» ( رو 7: 24 ).

ومتى وصل الإنسان إلى الشعور بحالته هذه، يستطيع أن يتبيَّن مجد الإنجيل الأدبي. ومتى اطلع الإنسان على جُرمه وشقائه وهلاكه، وأنه لا يستطيع أن يفي مطالب الناموس العادلة، ولا ينتفع شيئًا من الفرائض الناموسية في أحسن صورها وأشكالها، فحينئذٍ يكون مهيئًا لإدراك قيمة نعمة الله التي أعدَّت له كل شيء. فذلك الإنسان الذي كان نازلاً من أورشليم إلى أريحا، من مدينة الله إلى مدينة اللعنة ( يش 6: 26 ؛ 1مل16: 33، 34) لما طُرح على الأرض عاريًا مجروحًا بين حيٍّ وميت، ولما مرّ عليه الكاهن واللاوي وجازا مقابله ومضيا، استطاع حينذاك أن يدرك مقدار نعمة السامري الصالح الذي ما هو إلا رمزًا لربنا المبارك يسوع المسيح، تبارك اسمه إلى الأبد.

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net