الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 12 نوفمبر 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
خطورة الثقة بالذات
فأجاب بطرس وقال له: وإن شكَّ فيك الجميع فأنا لا أشُكُّ أبدًا ... ولو اضطررت أن أموت معكَ لا أُنكركَ ( مت 26: 33 ، 35)
نحن لا نشك مُطلقًا في إخلاص بطرس، ونثق تمام الثقة أنه كان يعني كل ما قاله، ولكنه كان يجهل نفسه. نحن نلاحظ دائمًا أن الجهل والثقة بالذات دائمًا يمشيان جنبًا إلى جنب، أما معرفة الذات فتبدد الثقة بها، وبقدر ما تكون الذات معروفة، بقدر ما يكون عدم الثقة بها عظيمًا. لو كان بطرس فقط عرف ذاته، وعرف أمياله، ومبلغ قوته الذاتية، لَمَا نطق أبدًا بتلك الكلمات التي سطرها لنا الوحي. ولكنه هكذا كان مملوءًا بالثقة بالذات، حتى أنه عندما أخبره سيده صراحةً عما هو مُزمع أن يفعل، أجاب بسرعة: «وإن شك فيك الجميع، فأنا لا أشك أبدًا ... ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك!».

إن هذا الأمر خطير للغاية، ومملوء بالإنذار والتعليم لنا. كلنا نجهل قلوبنا جهلاً هذا مقداره حتى أننا نستبعد على أنفسنا السقوط في بعض الخطايا الجسيمة، ولكن ليعلم كل واحد منا أنه إذا لم تحفظنا نعمة الله في كل لحظة، فإننا مُعرَّضون للسقوط في أي شيء، إذ فينا الاستعداد الكافي لكل شر مهما اختلف مقداره أو نوعه. وعندما نسمع أي شخص يقول: ”حقًا إني مخلوق مسكين وضعيف وكثير العثرات، ولكن غير ممكن أني أسقط في شر كهذا“. فلنتأكد أن هذا الشخص لا يعرف حقيقة قلبه للآن. وليس ذلك فقط، بل هو في خطر كبير أن يسقط في خطية مُحزنة. فالأحسن لنا أن نسير متواضعين أمام الله، غير واثقين بذواتنا، بل مُتكلين عليه، فهو سر كل انتصار أدبي في كل الأجيال والعصور. ولو كان بطرس عَلم هذا، لكان نجّا نفسه من سقطته المُريعة هذه، ولكنه كان واثقًا بذاته، والنتيجة كانت أنه لم يسهر ويصلي. وهذا كان دور آخر من أدوار انحداره إلى أسفل. لو كان فقط شَعَر بعجزه الكامل، لكَان سعى للحصول على قوة إلهية، ولكان طرح نفسه بالتمام على الله لكي يجد نعمة وعونًا في حينهِ. انظر إلى السيد المبارك! مع أنه الله المرتفع إلى الأبد فوق الجميع، ولكنه كإنسان قد أخذ مكان المخلوق، نراه عندما شعر بخطورة الموقف، أخذ يجاهد في الصلاة، بينما بطرس كان نائمًا ( مت 26: 36 - 41). نعم، إن بطرس قد نام في بستان جثسيماني، بينما كان سيده يقاسي مرارة لم يَذُق مثلها من قبل، ولو أن أعظم منها كانت تنتظره.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net