الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 4 مارس 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مسبية ولكن!
كمجهولين ونحن معروفون، كمائتين وها نحن نحيا... كفقراء ونحن نُغني كثيرين، كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء ( 2كو 6: 9 ، 10)
فتاة مسبية صغيرة، كل ما نعرفه أنها سُبيت من إسرائيل لتعمل عند مولاتها زوجة نعمان السرياني رئيس جيش أرام، والذي كان أبرصَ. وكل ما فعلته سجله الوحي المقدس في عددين ( 2مل 5: 2 ، 3)، حيث نسمعها تقول لمولاتها: «يا ليت سيدي أمام النبي الذي في السامرة، فإنه كان يشفيه من برصه». إلا أنه بوسعنا أن نخرج من هذه القصة بباقة من الدروس العملية المفيدة من هذه الفتاة الرائعة.

فهي فتاة .. ولكن ناضجة، فرغم أن صِغَر السن يرتبط عادةً بالدوران حول الـ”أنا“، إلا أننا نراها تهتم بالآخرين حتى الأعداء! فيا للنضج المبكر!

وهي صغيرة .. ولكن خبيرة، فرغم حداثة عمرها إلا أنها تعرف إله إسرائيل وقدرته، كما تعرف رجل الله في خدمته النبوية، وكذا محل إقامته!

ثم هي مسبية .. ولكن حرة، فالسبي قيد ولا شك، والعمل كجارية يحِد من حريتها الخارجية تمامًا، إلا أنها من داخلها حرة. وما أكثر مَن يعملون الشر ويقولون إنهم أحرار، في حين أن واقعهم أنهم «عبيد للخطية» ( يو 8: 34 ؛ رو6: 16)، من الداخل عبيد وإن كانوا يظهرون من الخارج أحرارًا. أما هذه الفتاة فهي على العكس من ذلك، فهي تبدو خارجيًا مقيدة الحرية كجارية مسبية، إلا أنها في واقعها حرة لتُخبر عن إله شعبها، الإله الذي لا مثل له.

وهي فقيرة .. ولكن غنية، تبدو من الخارج بلا أية ممتلكات، إلا أنها في الواقع أغنَت البيت الذي عاشت فيه غنى لا تقدر كل كنوز الدنيا أن تشتريه. لقد بَدَت وكأن لا شيء لها، في حين أنها كانت تمتلك «كل شيء»؛ الله نفسه لحسابها!

وهي كذلك محزونة .. ولكن فَرِحة؛ بكل يقين ظروفها محزنة إلا أن بشارتها المُفرحة لمولاتها تعبِّر عن نفس تفرح لا بالظروف، بل بالله الذي هو فوق كل الظروف.

وهي أيضًا مكسورة .. ولكن واثقة. إن التغرب عن الأهل والوطن، والعمل كجارية يكسر أقوى النفوس، إلا أنها بثقة في إلهها تقول: «فإنه كان يشفيه»، وليس ”ربما يشفيه“. وهذه، كما نعرف، أول حالة شفاء من البرص نقرأ عنها في كل الكتاب المقدس.

وأخيرًا هي مجهولة .. ولكن مؤثرة. فنحن ـ إلى الآن ـ لا نعرف اسمها، والعالم بكل يقين لم يُقِم لها وزنًا، إلا أن تأثيرها، في سيرتها وفي شهادتها كان رائعًا. ليتنا جميعًا نحيا كذلك!

إسحق إيليا
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net