الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 11 إبريل 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
في البستان
ضعَّف في الطريق قوتي، قصَّر أيامي. أقول: يا إلهي لا تقبضني في نصف أيامي. إلى دهر الدهور سنُوك ( مز 102: 23 ، 24)
هذا المزمور العجيب، يتحدث القسم الأول منه بلغة جثسيماني الحزينة المؤلمة. فهناك نسمع صراخ ذلك المسكين الذي يسكب نفسه أمام الله؛ المسكين الذي يعاني ضيقًا عظيمًا، غائصًا في أعماق مرارة النفس، وهو على وشك أن يُقطع من أرض الأحياء، نسمعه مُصليًا وكأنه يستعطف الله قائلاً: «يا إلهي لا تقبضني في نصف أيامي». فما هو جواب الله له؟ حقًا إنه لولا أن روح الله نفسه قد طبَّق هذه الكلمات على المسيح، لافتكرنا أنها جزء من خطاب سيدنا لله. فلو أننا قرأناها بالتتابع لبَدَا ظاهريًا كأن الرب يستمر مُخاطبًا الله قائلاً: «لا تقبضني في نصف أيامي. إلى دهر الدهور سنوك. مِن قِدَم أسست الأرض، والسماوات هي عمل يديك». ولكن الروح القدس في عبرانيين1 يقول لنا إنه الله، يخاطب ابنه المبارك. فنحن نرى الابن كما كان في جثسيماني يسكب نفسه بصراخ شديد ودموع «يا إلهي لا تقبضني في نصف أيامي»، ثم ينتظر الجواب. فما هو الجواب الذي يأتي يا تُرى، من الإله الأبدي، إلى ذاك الذي كان في مكان الاتضاع والطاعة طالبًا مشيئته؟ إلى ذاك الذي وضع نفسه حتى إلى تراب الموت، والذي كان يتسلم الكأس التي سيشربها بعد قليل إلى آخر نقطة فيها؟ إن الله يخاطبه كالرب قائلاً: «وأنت يا رب».

يا للعجب! إن ذاك الذي كان يتنهد حزينًا حتى الموت في بستان جثسيماني، ابن الله المبارك في مكان اتضاعه، يخاطبه الله كخالق السماء والأرض! وعندما يبيد كل ما هو حولنا، وعندما تنحل كل العناصر وتذوب، سيبقى هو ـ له المجد ـ في كل سلطانه ومجده الأبدي. أ تستطيع أن تتصوَّر أنه يوجد طرفا نقيض معًا أكثر من هذين حسب الظاهر؛ اتضاع مُتناهٍ، وإعياء لا حد له، وصراخ لله في ضعف ودموع، هذا من طرف، ومن الطرف الآخر: إجابة آتية من ذات عرش الله، مُخاطبة ذلك المسكين الشاكي كالله الكائن على الكل، المبارك إلى الأبد؟

ألا يقودنا هذا إلى الاتجاه بقلوبنا المتعبدة إلى ذلك السيد المبارك مُخاطبين إياه بنفس اللغة؟ عندما نتفكَّر فيه وهو في صورة الاتضاع، وليس مَنْ يرى مجده سوى الإيمان، وعندما نراه جائلاً في اتضاع وكأنه متسربل بجلود تُخس مُخفيًا المجد الداخلي عن الأنظار، ألا تشعر بأنك مدفوع لأن تصيح قائلاً: «ربي وإلهي»!

صموئيل ريدوت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net