ولكن مَن اطَّلع على الناموس الكامل ـ ناموس الحرية ـ وثَبَت، وصارَ ليس سامعًا ناسيًا بل عاملاً بالكلمة، فهذا يكون مغبوطًا في عمله ( يع 1: 25 )
يجب ألا يفوتنا التعبير الذي يستخدمه الرسول يعقوب لوصف الإعلان الذي وصلهم في المسيح. فالإعلان الذي عرفه اليهود بواسطة موسى، كان الناموس؛ ولأنه كان يكتب لمؤمنين كانوا أصلاً يهود، يستخدم يعقوب نفس المصطلح. فالمسيحية أيضًا يمكن أن يُقال عنها ناموس ـ ناموس المسيح ـ مع أنها أكثر من هذا. فعلى العكس من ناموس موسى، هي «الناموس الكامل، ناموس الحرية» ( يع 1: 25 ). أما ناموس موسى فلم يكن كاملاً، كما أنه كان ناموس العبودية.
لقد كان ناموس موسى كاملاً من حيث الغرض المُعطى من أجله. ولكنه كان ناقصًا من حيث إنه لم يكمِّل شيئًا. لقد وضع الناموس الحد الأدنى لمطالب الله، ولذلك فمَن «عثر في واحدة، فقد صار مجرمًا في الكل» ( يع 2: 10 ). إنه يُصبح مُدانًا. أما إذا أردنا الحد الأقصى لفكر الله تجاه الإنسان، علينا أن نتجه للمسيح، الذي أعلنه بالتمام، سواء في حياتنا أو موته، اللذين ليس لهما نظير، واللذين تجاوزا مطالب ناموس موسى. وفي تعاليمه المبكرة أيضًا، أظهر بوضوح أن ناموس موسى لم يكن الشيء التام ولا الكامل (انظر متى5: 17- 48).
أما في المسيح فلنا الناموس الكامل: ناموس الحرية. ربما طرأ في فكرنا أنه إذا كان الحد الأدنى الذي وضعه الله أنتج عبودية، فلا بد أن إعلانه الحد الأقصى معناه عبودية أعظم. ولكن لا! فالحد الأدنى قد وصلنا في صورة ما يمكن أن نسميه ”ناموس المطالب“، وأنتج عبودية. أمام الحد الأقصى فقد وصلنا مرتبطًا بناموس المعطيات والإمكانيات التي صارت لنا في المسيح، ولذلك فكل ما فيه حرية. فأعلى مستويات ممكنة قد وُضعت أمامنا في المسيحية، ولكن تؤيدها قوة تروِّض قلوبنا، وتعطينا طبيعة تُسَرّ بأن تفعل ما وضعه هذا الإعلان علينا. فلو فُرض ناموس على الكلب أن يأكل العُشب، فإنه يكون بالنسبة لهذا الكلب المسكين ناموس عبودية، ولكن لو فرضنا نفس الناموس على حصان يكون ناموسًا للحرية.