الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 18 يونيو 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
بئر سوخار
فجاءت امرأةٌ من السامرة لتستقي ماءً ... فتركت المرأة جرَّتها ( يو 4: 7 ، 28)
مضى الرب في اتضاع سائرًا على قدميه في رِفقة تلاميذه، وأتى، لا عرضًا بل غرضًا، إلى مدينة من مقاطعة السامرة «يُقال لها سوخار». ذهب الرب طاعةً لصوت الآب الذي همس في أُذنه أن يذهب إلى هناك، وكأنه يقول: ”رأيت لي هناك تلميذة“ تسمع اسمي «الآب» للمرة الأولى في التاريخ، وتتعلم إنني طالب ساجدين «يسجدون للآب بالروح والحق».

«وكانت هناك بئر ... فإذ كان يسوع قد تعب من السفر، جلس هكذا على البئر». إن لفظ «هكذا» يعني أنه جلس كيفما اتفق. لم يهيء له تلاميذه مقعدًا مُريحًا، بل «جلس هكذا على البئر» ولماذا؟ لأن امرأة ضالة كانت في طريقها إلى هذه البئر، وهو قد جاء «يطلب ويخلِّص ما قد هلك». ومتى؟ هل في ساعة معقولة يجد فيها رب المجد راحته؟ لا، بل «عند الظهيرة» «وكان نحو الساعة السادسة» ـ أي الثانية عشر ظهرًا بحسب توقيتنا.

لماذا جاءت؟ «لتستقي ماء». ولماذا في هذه الساعة؟ لأنها كانت امرأة مزواجة (كثيرة الزواج)، وآخِر مَن كان معها ليس هو زوجها كما عرَّفنا سيدنا ـ له المجد. فرغبة في الاختفاء عن عيون الناس، وتحسُّبًا لتعييراتهم، أَبَت على جسدها الراحة في وقدة النهار. لكنها في الواقع كانت تُقتاد اقتيادًا غير إرادي لتلتقي بكاشف الأسرار، الديان الذي لا تَخفى عنه خافية «أنا عارف أعمالك ... وأين تسكن». لكنها لم تجد فيه ساعتئذٍ ديانًا، بل إلهًا حانيًا يُسرّ النبي أن يقول له: «مَن هو إلهٌ مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب؟». أَ لم يَقُل بفمه الكريم «لأنه لم يُرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلُص به العالم».

وجاءته هذه الشقية الغارقة في طين الحمأة، جاءته في ساعة القيلولة، وبعد حوارها مع مَنْ ظنته نبيًا يرى ما لا يُرى، ومع المسيح الذي كانت تنتظر قدومه «ليُخبرنا بكل شيء»، عادت مجبورة الخاطر، رافعة رأسها الذي كان على مدى طويل خفيضًا مُنكسًا. فقد هان عليها، وقد ارتوت من مُعطي الماء الحي، أن تترك الجرّة العتيقة التي طالما امتلأت من الماء «الذي كل مَن يشرب منه يعطش أيضًا». ومضت إلى المدينة ـ السامرة ـ لتُقدم للناس الذين كانت تَرهب نظراتهم الخارقة، جرعة من ذلك الماء الذي «مَن يشرب منه ... لن يعطش إلى الأبد».

أديب يسى
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net