الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 17 يوليو 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
سجود المجوس
وأتوا إلى البيت، ورأوا الصبي مع مريم أمه. فخرُّوا وسجدوا له. ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا: ذهبًا ولبانًا ومُرًا ( مت 2: 11 )
نحن نقرأ في الأناجيل عن مناسبات كثيرة فيها قَبِل المسيح ـ لمَّا كان هنا على الأرض ـ سجود البشر. والمسيح، بحسب إنجيل متى وحده، قَبِل السجود في ثماني مناسبات مختلفة. من يهود وأُمم، من رجال ونساء، من أفراد وجماعات، قبل الصليب وبعد القيامة.

لقد سجد له المجوس. ولم يكن ما فعله المجوس زلة منهم، باعتبار أنه لم يكن عندهم شريعة من الله ولا ناموس. فيلفت النظر أن المجوس، حين رأوا هيرودس الملك، مع كل مظاهر السلطان والجاه التي كانت مُحيطة به، لم يسجدوا له. لكنهم حين رأوا المسيح، أمكنهم، من خلف حجاب الاتضاع وستار الفقر، أن يروا مجده.

وهؤلاء المجوس يذكّروننا بحادثة أخرى في آخر حياة المسيح على الأرض، وبالتحديد حين كان معلقًا فوق الصليب، عندما قال اللّص التائب للمسيح: «اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك» ( لو 23: 42 ). لقد رأى فيه اللّص أنه الملك وهو معلَّق فوق الصليب، ورأى فيه المجوس أنه الملك وهو ما زال طفلاً. في بداية المسَار سجد له هؤلاء المجوس باعتباره الله، وفي نهاية المسَار صلى إليه اللّص التائب باعتباره الرب!

ولنلاحظ دقة الوحي هنا في وصف سجودهم، فيقول: «وأتوا إلى البيت، ورأوا الصبي مع مريم أُمهِ. فخرّوا وسجدوا له. ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له» ( مت 2: 11 ). وتعبير «الصبي وأُمه» يتكرر 5 مرات، ولا مرة يقول ”الأم وطفلها“. فهو وُلد ليكون الأول، إذ يقول الرسول بولس: «لكي يكون هو متقدمًا في كل شيء» ( كو 1: 18 ). وواضح من كلام البشير أن المجوس «خرّوا وسجدوا (ليس لهم، بل) له»، فالسجود له وحده.

ويا له من إيمان عظيم، اخترق ما تراه العين البشرية، ليرى ما لا يمكن لغير الإيمان أن يراه! يرى في الطفل الصغير، ملك المجد، ورب الكون، فيسجد له! ويرى في المصلوب ملك الوجود ومخلِّص البشرية، فيصلي له. وأريد أن أقول إننا اليوم عندنا من الأدلة أضعاف ما كان عند المجوس قديمًا، أو اللّص التائب من بعدهم؛ فهل نعمل مثلما عمل المجوس فنسجد له سجود الحب؟ وهل نتكل عليه اتكال القلب، ويكون لنا الإيمان الذي يُخلِّص؟!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net