الحق الحق أقول لكم: إنه تأتي ساعة وهي الآن، حين يسمع الأموات صوت ابن الله، والسامعون يحيون ( يو 5: 25 )
في يوحنا10: 27، 28 قال المسيح إنه يعطي خرافه، أي المؤمنين باسمه، الحياة الأبدية. والمسيح في يوحنا5، في حديثه الجامع المانع يؤكد هذا الحق ذاته. وهذا الحديث كان المسيح قد قاله لليهود بعد أن شفى رجل بِركة حسدا من مرض دام 38 سنة، وشفاه المسيح بكلمة واحدة منه. ثم أوضح المسيح في حديثه مع اليهود أن هذه الكلمة عينها تَهَب الحياة الأبدية لمَن يسمعها.
ونحن نعلم أنه ليس سوى الله يُميت ويُحيي ( تث 32: 39 ؛ 1صم2: 6؛ 1تي6: 13). لكن في الآية موضوع دراستنا يقول المسيح إن صوته يعطي الحياة!
كان المسيح قد قال عن نفسه إنه «يُحيي مَن يشاء» ( يو 5: 21 ). فالمسيح هو المُحيي، وهو يفعل ذلك ليس كمجرد منفّذ أو كواسطة، بل إنما يفعله بمقتضى إرادته هو وسلطانه الشخصي، فهو «يُحيي مَن يشاء».
ثم لاحظ وسيلة الإحياء التي يذكرها المسيح هنا، إنها في منتهى البساطة، كما أن لها دلالة عُظمى، إذ يقول المسيح: «تأتي ساعة وهي الآن، حين يسمع الأموات صوت ابن الله، والسامعون يحيون». إن هذه الكلمة التي تَهَب الحياة هي كلمة الله ( مز 119: 50 )، وهذا الصوت المُحيي لا يمكن إلا أن يكون صوت الله ( إش 55: 3 ).
كما أن نوعية هذه الحياة هي أسمى أنواع الحياة، إنها الحياة الأبدية ( يو 3: 16 ( يو 10: 10 )، الحياة الأفضل (يو10: 10). إن إعطاء الحياة في أية صورة، أمر لا يقوى عليه سوى الله، فكم بالحري عندما تكون الحياة هي الحياة الأبدية!
والآن، هل أدركت عزيزي القارئ سمو المجد الذي تتضمنه هذه الأقوال؟ إن هذه الساعة امتدت إلى الآن نحو ألفي عام، وفيها سمع ما لا يُحصى من ملايين الأموات صوت ابن الله. وهل يمكن للأموات أن يسمعوا صوتًا؟ هذا مُحال. لكن السر يَكمُن في أن هذا الصوت ليس صوتًا عاديًا، بل هو صوت ابن الله. إنه الصوت الذي يخترق الموت، ويصل لأولئك الأموات في ذنوبهم وخطاياهم ويُحيبهم. ومهما كانت حالتهم، ولو كان لهم في موتهم عشرات السنين، ولو كانوا قد أنتنوا في قبور خطاياهم، فإنهم بمجرد أن يسمعوا صوت ابن الله فإنهم ينالون فورًا الحياة الأبدية!