الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 19 سبتمبر 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
البدَلية والفداء
ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوتٍ عظيم قائلاً: إيلي، إيلي، لَمَا شبقتني؟ أي: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ ( مت 27: 46 )
نلاحظ أن الرب اعتاد في حياته أن يصلي إلى الله مُخاطبًا إياه «يا أبتاه»، أو «أيها الآب». أما هنا، في صرخة المسيح في ساعات الظلمة، فلا يقول له «يا أبتاه»، بل هنا نحن نسمعه لأول مرة يقول: «إلهي إلهي». ذلك لأن المسيح، في هذا الموقف، كان ممثلاً للإنسان أمام الله، ديان كل الأرض. هنا، وفي هذا السؤال، نفهم أحد معاني الكفارة.

ويمكننا أن نقول إن المسيح لم يصرخ من فوق الصليب إلى «يهوه» بل إلى الله «إيلوهيم»، وذلك لسببين:

(1) اسم «يهوه» هو اسم علاقة الله بشعبه إسرائيل. والمسيح فوق الصليب لم يكن يتألم لأجل خطايا إسرائيل فحَسَب، بل لأجل كل الخطايا التي ارتُكبت من بداية التاريخ.

(2) لأن هذه الصرخة تصوِّر لنا البُعد الذي وضعت الخطية فيه الإنسان، وليس العلاقة الخاصة والقرب الذي يُستفاد من اسم «يهوه».

وعندما يسأل المسيح: «لماذا؟»، ولا يتلقى على سؤاله هذا جوابًا، فلا تتوقَّع أني أنا المحدود لديَّ الجواب. ولكننا مع ذلك، إذا سرنا قليلاً في المزمور الذي يُفتتح بصرخة المسيح هذه، فإننا نجد في العدد الثالث منه ما يمكننا أن نعتبره الردّ على هذا السؤال الذي بلا جواب، إذ يقول: «وأنت القدوس» ( مز 22: 3 ). فالله لم يترك المسيح ظلمًا. حاشا! بل تركه لأنه القدوس. أ تسأل: ولماذا الله ـ باعتباره القدوس ـ يترك المسيح فوق الصليب؟ الإجابة: ليس لأن في المسيح أي شيء لا يتوافق مع الله وقداسته. كلا البتة، بل لأنه ـ تبارك اسمه ـ قَبِلَ ان يمثِّل الخطاة، وكانت خطايانا موضوعة عليه في ذلك الوقت.

يستطرد المسيح فيقول: «وأنت القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل». فكيف لله القدوس أن يسكن وسط تسبيحات شعب خاطئ إلا على أساس الكفارة؟ أ ليس هذا أمرًا عجيبًا ومجيدًا؟! لقد تُرك ليكون لنا نحن علاقة وشركة مع الله. وفي المزمور عينه الذي يبدأ بصرخة الترك، نقرأ عن تسبيحات الشركة، فيقول المسيح: «أُخبر باسمك إخوتي، وفي وسط الجماعة أسبحّك». وتتكرر التسبيحات في هذا المزمور من جميع المفديين ( مز 22: 22 ، 23، 25، 26)، وكلها بناءً على صرخة الفادي في أول المزمور. لذا كان ينبغي أن يذوق المسيح الموت بكل رُعبه وهوله، يذوقه بنعمة الله، ليكون هو بنفسه الكفارة لشعبه.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net