الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 22 يناير 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
صنعوا له عشاءً
فصنعوا له هناك عشاءً. وكانت مرثا تخدم، وأما لعازر فكان أحد المتكئين معه. فأخذت مريم مَنًا من طيب ... ودهنت قدمي يسوع ( يو 12: 2 ، 3)
تبدو أمامنا هنا مميزات كل مسيحي، بل كل جماعة مسيحية في قالب مؤثر فعَّال؛ أولاً الشركة الهادئة المتمثلة في لعازر المتكئ على المائدة، والسجود المقدس المُرتسم في جلوس مريم عند قدمي ربها، وخدمة المحبة البادية في نشاط مرثا، ومن هذه العناصر الثلاثة تتألف صفة المسيحي وخُلُقه. وكلنا مُطالبون أن نعرف معنى الاتكاء على المائدة مع ربنا المبارك في الشركة الحلوة التي تؤدي بنا إلى السجود والتعبد القلبي، ولنعلم أنه متى فُزنا بالشركة والسجود، لا يعوزنا عمل المحبة والنشاط في الخدمة.

ولا يفوتنَّ القارئ أنه لا يوجد في هذا المشهد الجميل أدنى مُشاحنة بين مريم ومرثا، فكلٌ منهما شغلَت مركزها الخاص بها، إذ وُجد مجال للاثنتين. وإن كان المسيح غرض قلوبنا الشاغل، فما أشهى الوئام الذي يسطع في حركاتنا وإن اختلفت أعمالنا.

وهذا ما كان في بيت عنيا: فلعازر كان أحد المتكئين، ومريم جالسة عند قدمي السيد، ومرثا تشتغل في خدمة البيت. وما أبهى النظام الذي كان زينة الجميع، وعِلة ذلك أن المسيح كان الغرض السائد، فلو قام لعازر لإعداد العشاء واتكأت مرثا على المائدة لَمَا تهيأ العشاء ولا ساد النظام. ولكن كل منهما شَغَل مركزه الخليق به، ولا بد أنهما فرحا برائحة طيب مريم وهي تسكبه على قدمي سيدها المُحب والمحبوب.

ألا نفهم هذا من مضمون الجملة القائلة «فصنعوا له هناك عشاء»؟ فالثلاثة على السواء صنعوا له العشاء، اشتركوا في الامتياز الجميل، وهو إعداد العشاء لمَن هو غرض عواطف قلوبهم الذي لا يُقدَّر بثمن. وإذ وُجد في وسطهم أخذ كلٌ مركزه بمنتهى البساطة وبدون تكلُّف وبغاية الهمة والنشاط، وقد انتعش قلب السيد المحبوب، إذ كان هو المركز وحوله قد تحركوا. هذا ما ينبغي أن يكون في كل حين بين جماعة المسيحيين إذا ما حكمنا على الذات وانشغل كل قلب بالمسيح وحده. ولكن في هذه النقطة نعثر كلنا لأننا مشغولون بنفوسنا وبأعمالنا الحقيرة وأقوالنا وأفكارنا، ونجعل أهمية كبرى لأعمالنا، لا بنسبة أثمارها لمجد المسيح، بل لِما تأتي به لنا من الشُهرة والصيت. ولكن إن كان المسيح غرضنا كما سيكون في الأبدية، وكما ينبغي أن يكون الآن، فلا نبالي بمَن قام بالعمل أو مَن أدى الخدمة طالما قد تمجد اسمه وانتعش قلبه.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net