الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 6 أكتوبر 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
بطرس والتوبة الحقيقية
فبعد ما تغدوا قال يسوع لسمعان بطرس: يا سمعان بن يُونا، أَ تحبني أكثر من هؤلاء؟ ( يو 21: 15 )
لا يمكن لأي رجوع أن يُعتبر كاملاً وإلهيًا إلا إذا وصل أثره إلى أعماق القلب. ولهذا لو رجعنا إلى شاطئ بحر طبرية لوجدنا السيد هناك يتناول قلب بطرس ويعالج حالته بقوة غريبة. ومما يلذ ملاحظته هو أننا لا نجد أقل إشارة إلى الحوادث الماضية تُذكر وقت الغذاء عند شاطئ بحر طبرية، ذلك الغذاء الذي جهزه ورتبه وقدَّمه الرب المُقام. «فبعدما تغدَّوا قال يسوع لسمعان بطرس: يا سمعان بن يُونا، أَ تحبني أكثر من هؤلاء؟». وكأن سمعان عند سماع هذه الكلمات من فم سيده الأمين، تذكَّر في الحال ذلك القول الذي نطق به مرة وهو محمول بالثقة الذاتية: «إن شك فيك الجميع، فأنا لا أشُك أبدًا» ( مت 26: 33 ). وبعد ذلك يأتي السؤال الفاحص لأعماق القلب مُكررًا ثلاث مرات مُتتالية، وكأن الرب يقصد بذلك أن يذكِّر بطرس بذلك الإنكار المُثلث الذي حصل منه. هذه الكلمات قد مسَّت قلب بطرس، ووصلت إلى جذور وأساس الموضوع كله، وهذا ما كان لازمًا في حالة بطرس كما هو لازم أيضًا في كل حالة أخرى. فعمل الرجوع لا يمكن أن يكون كاملاً إلا إذا وصل إلى الجذور وحكم عليها، فالعمل السطحي لا ينفع بتاتًا. ونحن نميل دائمًا للاكتفاء بقطف الحشائش التي تظهر على سطح حياتنا العملية اليومية دون الوصول إلى الجذور المدفونة؛ جذور الثقة في الذات، والنتيجة المُحزنة هي أن الحشائش تظهر ثانيًا بسرعة، وتكون مَدعَاة لأسفنا وخزينا وإهانة اسم سيدنا. إن الحكم على الذات يجب أن يكون أكثر تعمقًا إذا كنا نريد حقًا أن نتقدم تقدمًا صحيحًا. إننا بالأسف سطحيون بشكل مُريع، ومتساهلون للغاية، ويعوزنا أن نكون أكثر تعمقًا وتدقيقًا. كما أننا في حاجة أشد إلى عمل قلبي نظير العمل الذي تم في سمعان بن يونا على شاطئ بحر طبرية «فحزن بطرس لأنه قال له ثالثةً: يا سمعان ابن يونا، أَ تحبني؟» ( يو 21: 17 )، على أن مشرط الطبيب الإلهي قد وصل إلى أصل المرض الأدبي وكفى. إنه كان لازمًا وفي الوقت نفسه كان كافيًا، وما كان على سمعان بطرس المتألم والحاكم على ذاته إلا أن يعود إلى تلك الحقيقة العظمى، وهي أن سيده كان يعلم كل شيء «يا رب، أنت تعلم كل شيءٍ. أنت تعرف أني أحبك».

إن هذا العمل كامل حقًا، فأمامنا نفس قد رجعت تمامًا، رجعت بضميرها ورجعت بقلبها.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net